responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 26
وَأَصْحابُ الشِّمالِ مَا أَصْحابُ الشِّمالِ أَيْ أَيُّ شَيْءٍ هُمْ فِيهِ أَصْحَابُ الشِّمَالِ؟ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ فَقَالَ: فِي سَمُومٍ وَهُوَ الْهَوَاءُ الْحَارُّ وَحَمِيمٍ وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ظِلُّ الدُّخَانِ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَأَبُو صَالِحٍ وقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: انْطَلِقُوا إِلى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ لَا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [الْمُرْسَلَاتِ: 29- 34] وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ وَهُوَ الدُّخَّانُ الْأَسْوَدُ لَا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ أَيْ لَيْسَ طَيِّبَ الْهُبُوبِ وَلَا حَسَنَ الْمَنْظَرِ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ وقَتَادَةُ وَلا كَرِيمٍ أَيْ وَلَا كَرِيمِ الْمَنْظَرِ، قال الضَّحَّاكُ: كُلُّ شَرَابٍ لَيْسَ بِعَذْبٍ فَلَيْسَ بِكَرِيمٍ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [1] : الْعَرَبُ تَتْبَعُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي النَّفْيِ فَيَقُولُونَ: هَذَا الطَّعَامُ لَيْسَ بِطَيِّبٍ وَلَا كَرِيمٍ، هَذَا اللَّحْمُ لَيْسَ بِسَمِينٍ وَلَا كَرِيمٍ. وَهَذِهِ الدَّارُ لَيْسَتْ بِنَظِيفَةٍ وَلَا كَرِيمَةٍ. وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ عن قتادة به نحوه، ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى اسْتِحْقَاقَهُمْ لِذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى:
إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ أَيْ كَانُوا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا مُنَعَّمِينَ مُقْبِلِينَ عَلَى لَذَّاتِ أنفسهم لا يلوون مَا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ وَكانُوا يُصِرُّونَ أَيْ يقيمون وَلَا يَنْوُونَ تَوْبَةً عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ وَهُوَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ وَجَعْلُ الْأَوْثَانِ وَالْأَنْدَادِ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْحِنْثِ الْعَظِيمِ: الشِّرْكُ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هُوَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ.
وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ يَعْنِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ مُكَذِّبِينَ بِهِ مُسْتَبْعِدِينَ لِوُقُوعِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ أَيْ أَخْبِرْهُمْ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ مِنْ بَنِي آدَمَ سَيُجْمَعُونَ إِلَى عرصات القيامة لا يغادر منهم أحدا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ [هُودٍ: 103- 105] وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ أَيْ هُوَ موقت بوقت محدود، لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ وَلَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ.
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُقْبَضُونَ وَيُسَجَّرُونَ حَتَّى يأكلوا من شجر الزقوم حتى يملؤوا مِنْهَا بُطُونَهُمْ، فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ وَهِيَ الْإِبِلُ الْعِطَاشُ، وَاحِدُهَا أَهْيَمُ وَالْأُنْثَى هَيْمَاءُ، وَيُقَالُ: هَائِمٌ وَهَائِمَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وعكرمة:

[1] تفسير الطبري 11/ 647. ولفظه: والعرب تتبع كل منفيّ عنه صفة حمد نفي الكرم عنه، فتقول: ما هذا الطعام بطيب ولا كريم.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست