responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 413
أَلَمْ تَرَ أَنَّ النَّبْعَ يَصْلُبُ عُودُهُ ... وَلَا يَسْتَوِي وَالْخَرْوَعُ الْمُتَقَصِّفُ «1»
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ مُتَّجِهٌ، وَلَكِنْ لَا يُسَاعِدُهُ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ لِجِبْرِيلَ لَمْ تَكُنْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بَلْ قَبْلَهَا، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَرْضِ، فَهَبَطَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَتَدَلَّى إِلَيْهِ فَاقْتَرَبَ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى يَعْنِي لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الرُّؤْيَةُ الْأُولَى فِي أَوَائِلِ الْبَعْثَةِ بَعْدَ مَا جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ صَدْرَ سُورَةِ اقْرَأْ، ثُمَّ فَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مِرَارًا ليتردى من رؤوس الْجِبَالِ. فَكُلَّمَا هَمَّ بِذَلِكَ نَادَاهُ جِبْرِيلُ مِنَ الْهَوَاءِ، يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا وَأَنَا جِبْرِيلُ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقَرُّ عَيْنُهُ، وَكُلَّمَا طَالَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ عَادَ لِمِثْلِهَا حَتَّى تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بالأبطح فِي صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ قَدْ سَدَّ عِظَمُ خَلْقِهِ الْأُفُقَ، فَاقْتَرَبَ مِنْهُ وَأَوْحَى إِلَيْهِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَعَرَفَ عِنْدَ ذَلِكَ عَظَمَةَ الْمَلَكِ الَّذِي جَاءَهُ بِالرِّسَالَةِ وَجَلَالَةَ قَدْرِهِ وَعُلُوَّ مَكَانَتِهِ عِنْدَ خَالِقِهِ الَّذِي بَعَثَهُ إِلَيْهِ.
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنَيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ إِذْ جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَكَزَ بَيْنَ كَتِفِي، فَقُمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ فِيهَا كَوَكْرَيِ الطَّيْرِ فَقَعَدَ فِي أَحَدِهِمَا وَقَعَدْتُ فِي الْآخَرِ. فَسَمَتْ وَارْتَفَعَتْ حَتَّى سَدَّتِ الْخَافِقَيْنِ، وَأَنَا أُقَلِّبُ طَرْفِي، وَلَوْ شِئْتُ أَنَّ أَمَسَّ السَّمَاءَ لَمَسِسْتُ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ جِبْرِيلُ كَأَنَّهُ حِلْسٌ لَاطَ فَعَرَفْتُ فَضْلَ عِلْمِهِ بِاللَّهِ عَلَيَّ. وَفُتِحَ لِي بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ وَرَأَيْتُ النُّورَ الْأَعْظَمَ، وَإِذَا دُونَ الْحِجَابِ رَفْرَفَةُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ. وَأُوحِيَ إِلَيَّ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُوحِيَ» ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ:
«لَا يَرْوِيهِ إِلَّا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَكَانَ رَجُلًا مَشْهُورًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ.
(قُلْتُ) الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ هَذَا هُوَ أَبُو قُدَامَةَ الْإِيَادِيُّ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ إِلَّا أَنَّ ابْنَ مَعِينٍ ضَعَّفَهُ، وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَثُرَ وَهْمُهُ فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ إِذَا انْفَرَدَ، فَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَرَائِبِ رِوَايَاتِهِ، فَإِنَّ فِيهِ نَكَارَةً وَغَرَابَةَ أَلْفَاظٍ وَسِيَاقًا عَجِيبًا وَلَعَلَّهُ مَنَامٌ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [2] : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا شَرِيكٍ عَنْ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ، كُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ،

(1) البيت لجرير في ديوانه ص 298، وبلا نسبة في أساس البلاغة (قصف) ، وتفسير الطبري 11/ 506.
[2] 1/ 395، 398، 407.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 413
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست