responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 391
الْإِسْلَامِ سَهْمٌ، يَعْنِي لَا سَهْمَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا كَسْبَ لَهُ وَلَا حِرْفَةَ يتقوت منها، وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: هُوَ الْمُحَارِفُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَتَيَسَّرُ لَهُ مَكْسَبُهُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ له مال إلا ذهب، قضى الله تعالى لَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: جَاءَ سَيْلٌ بِالْيَمَامَةِ فَذَهَبَ بِمَالِ رَجُلٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم: هذا المحروم وقال ابن عباس رضي الله عنهما أَيْضًا وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَنَافِعٌ مولى ابن عمر رضي الله عنهما وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ:
الْمَحْرُومُ الْمَحَارِفُ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ: الْمَحْرُومُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا.
قَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ» [1] وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَسْنَدَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحِيهِمَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الَّذِي يَجِيءُ وَقَدْ قُسِّمَ الْمَغْنَمُ فَيُرْضَخُ لَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: كُنَّا مع عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فَجَاءَ كَلْبٌ، فَانْتَزَعَ عُمَرُ رضي الله عنه كَتِفَ شَاةٍ فَرَمَى بِهَا إِلَيْهِ وَقَالَ: يَقُولُونَ إِنَّهُ الْمَحْرُومُ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَعْيَانِي أَنْ أَعْلَمَ مَا الْمَحْرُومُ، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ [2] أَنَّ الْمَحْرُومَ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ وقد ذَهَبَ مَالُهُ، سَوَاءٌ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ أَوْ قَدْ هَلَكَ مَالُهُ أَوْ نَحْوُهُ بِآفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الحسن بن محمد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فَغَنِمُوا، فَجَاءَ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوا الْغَنِيمَةَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ مَدَنِيَّةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هي مكية شاملة لما بعدها.
وقوله عز وجل: وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ أَيْ فِيهَا مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَةِ عَلَى عَظَمَةِ خَالِقِهَا وَقُدْرَتِهِ الْبَاهِرَةِ مِمَّا قَدْ ذَرَأَ فِيهَا مِنْ صُنُوفِ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمِهَادِ وَالْجِبَالِ وَالْقِفَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْبِحَارِ، وَاخْتِلَافِ أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَأَلْوَانِهِمْ وَمَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنَ الْإِرَادَاتِ وَالْقُوَى، وَمَا بَيْنَهُمْ مِنَ التَّفَاوُتِ فِي الْعُقُولِ وَالْفُهُومِ وَالْحَرَكَاتِ وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ، وَمَا فِي تَرْكِيبِهِمْ مِنَ الْحِكَمِ فِي وَضْعِ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِمْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ مُحْتَاجٌ إليه فيه، ولهذا قال عز وجل: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ قَالَ قَتَادَةُ: مَنْ تَفَكَّرَ فِي خَلْقِ نَفْسِهِ عَرَفَ أَنَّهُ إِنَّمَا خلق ولينت مفاصله للعبادة.
ثم قال تعالى: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ يَعْنِي الْمَطَرَ وَما تُوعَدُونَ يعني الجنة، قاله ابن

[1] أخرجه البخاري في الزكاة باب 53، ومسلم في الزكاة حديث 101، والنسائي في الزكاة باب 76، وأحمد في المسند 1/ 384، 446، 2/ 316، وانظر تفسير الطبري 11/ 458. [.....]
[2] انظر تفسير الطبري 11/ 458.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 391
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست