responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 374
قالت: فرفع رضي الله عنه رَأْسَهُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ كما قال الله تَعَالَى:
وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْبَهِيِّ قَالَ: لَمَّا أَنْ ثَقُلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَاءَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَتَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ: [الطويل]
لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ «1»
فَكَشَفَ عَنْ وجهه وقال رضي الله عنه: لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ قَوْلِي وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ وَقَدْ أَوْرَدْتُ لِهَذَا الْأَثَرِ طُرُقًا كَثِيرَةً فِي سِيرَةِ الصديق رضي الله عنه عند ذكر وفاته، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا تَغَشَّاهُ الْمَوْتُ جَعَلَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ لِلْمَوْتِ لَسَكَرَاتٍ» [2] وَفِي قَوْلِهِ: ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ قَوْلَانِ: [أَحَدُهُمَا] أَنَّ مَا هَاهُنَا مَوْصُولَةٌ أَيِ الَّذِي كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ بِمَعْنَى تَبْتَعِدُ وَتَنْأَى وَتَفِرُّ قَدْ حَلَّ بِكَ وَنَزَلَ بِسَاحَتِكَ [وَالْقَوْلُ الثَّانِي] أَنَّ «مَا» نَافِيَةٌ بِمَعْنَى ذَلِكَ مَا كُنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْفِرَارِ مِنْهُ وَلَا الْحَيْدِ عَنْهُ وَقَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حفص عن ابن عُمَرَ الْحُدَيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الَّذِي يَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ مَثَلُ الثَّعْلَبِ تَطْلُبُهُ الْأَرْضُ بِدَيْنٍ، فَجَاءَ يَسْعَى حَتَّى إِذَا أَعْيَى وَأَسْهَرَ دَخَلَ جُحْرَهُ فَقَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ يَا ثَعْلَبُ دَيْنِي، فَخَرَجَ وَلَهُ حِصَاصٌ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى تَقَطَّعَتْ عُنُقُهُ وَمَاتَ» وَمَضْمُونُ هَذَا الْمَثَلِ كَمَا لَا انْفِكَاكَ لَهُ وَلَا مَحِيدَ عَنِ الْأَرْضِ، كَذَلِكَ الْإِنْسَانُ لا محيد له عن الموت.
وقوله تبارك وتعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ النَّفْخِ فِي الصُّوَرِ وَالْفَزَعِ وَالصَّعْقِ وَالْبَعْثِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَحَنَى جَبْهَتَهُ وَانْتَظَرَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ» قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَقُولُ؟ قال صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» فَقَالَ الْقَوْمُ: حسبنا الله

(1) البيت لحاتم الطائي في ديوانه ص 199، والأغاني 17/ 295، وجمهرة اللغة ص 1034، 1133، وخزانة الأدب 4/ 212، والدرر 1/ 215، والشعر والشعراء 1/ 252، والصاحبي في فقه اللغة ص 261، ولسان العرب (قرن) ، وأساس البلاغة (حشر) ، وبلا نسبة في لسان العرب (حشرج) ، وهمع الهوامع 1/ 65، والرواية في ديوان حاتم الطائي «أماويّ» بدل «لعمرك» .
[2] أخرجه البخاري في الرقاق باب 42، والترمذي في الجنائز باب 7، وابن ماجة في الجنائز باب 64، وأحمد في المسند 6/ 64، 70، 77، 151.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست