responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 364
مَخَافَةَ أَنْ يُكَبُّوا فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ» [1] أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ بِهِ، فَقَدْ فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين المؤمن والمسلم، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ أَخَصُّ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ قَرَّرْنَا ذَلِكَ بِأَدِلَّتِهِ فِي أَوَّلِ شَرْحِ كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ كَانَ مُسْلِمًا لَيْسَ مُنَافِقًا لِأَنَّهُ تَرَكَهُ مِنَ الْعَطَاءِ، وَوَكَلَهُ إِلَى مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْإِسْلَامِ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَعْرَابَ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسُوا بِمُنَافِقِينَ وَإِنَّمَا هُمْ مُسْلِمُونَ لَمْ يَسْتَحْكِمِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَادَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مَقَامًا أَعْلَى مِمَّا وَصَلُوا إِلَيْهِ فَأُدِّبُوا فِي ذَلِكَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ [2] . وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مُنَافِقِينَ يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ وَلَيْسُوا كَذَلِكَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَابْنِ زَيْدٍ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قوله تبارك وتعالى: وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا أَيِ اسْتَسْلَمْنَا خَوْفَ الْقَتْلِ والسبي. قَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ امْتَنُّوا بِإِيمَانِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ أَنَّهُمْ قَوْمٌ ادَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مَقَامَ الْإِيمَانِ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ بَعْدُ فَأُدِّبُوا وَأُعْلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ بَعْدُ، وَلَوْ كَانُوا مُنَافِقِينَ لَعُنِّفُوا وَفُضِحُوا كَمَا ذُكِرَ الْمُنَافِقُونَ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ تَأْدِيبًا: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ أَيْ لَمْ تَصِلُوا إِلَى حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ بَعْدُ. ثُمَّ قَالَ تعالى: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً أَيْ لَا يَنْقُصُكُمْ مِنْ أُجُورِكُمْ شَيْئاً كقوله عز وجل: وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ [الطُّورِ: 21] وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ لِمَنْ تَابَ إليه وأناب.
وقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أَيْ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الْكُمَّلُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا أَيْ لَمْ يَشُكُّوا وَلَا تَزَلْزَلُوا بَلْ ثَبَتُوا عَلَى حال واحدة هي التَّصْدِيقُ الْمَحْضُ وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ وَبَذَلُوا مُهَجَهُمْ وَنَفَائِسَ أَمْوَالِهِمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ أَيْ فِي قَوْلِهِمْ إِذَا قَالُوا إِنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ، لَا كبعض الأعراب الذين ليس لهم من الإيمان إِلَّا الْكَلِمَةَ الظَّاهِرَةَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [3] : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا رشدين، حدثنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي السَّمْحِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُونَ فِي الدُّنْيَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ: الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِي يأمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والذي إذا أشرف على طمع تركه لله

[1] أخرجه البخاري في الإيمان باب 19، ومسلم في الإيمان باب 237.
[2] تفسير الطبري 11/ 400.
[3] المسند 3/ 8.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست