responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 259
غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وشفعه الله تعالى فِي أَهْلِ بَيْتِهِ، وَكُتِبَ فِي السَّمَاءِ أَسِيرَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ» وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَهُوَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ [1] ، وَقَدْ قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ أَحَدُ أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ بِدِمَشْقَ، تَرَكْتُ الْمَعَاصِيَ وَالذُّنُوبَ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَيَاءً مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ تَرَكْتُهَا حَيَاءً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الشاعر: [الطويل]
صَبَا مَا صَبَا حَتَّى عَلَا الشَّيْبُ رَأْسَهُ ... فلمّا علاه قال للباطل: ابعد [2] !
قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَيْ أَلْهِمْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي أَيْ نَسْلِي وَعَقِبِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا فِيهِ إِرْشَادٌ لِمَنْ بَلَغَ الْأَرْبَعِينَ أَنْ يُجَدِّدَ التَّوْبَةَ وَالْإِنَابَةَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَعْزِمُ عَلَيْهَا، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا فِي التَّشَهُّدِ «اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنِ قُلُوبِنَا وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ مُثِنِينَ بِهَا عَلَيْكَ قَابِلِيهَا وأتممها علينا» .
قال الله عز وجل: أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ أَيْ هَؤُلَاءِ الْمُتَّصِفُونَ بِمَا ذكرنا، التائبون إلى الله تعالى الْمُنِيبُونَ إِلَيْهِ، الْمُسْتَدْرِكُونَ مَا فَاتَ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، هم الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فَيَغْفِرُ لَهُمُ الْكَثِيرَ مِنَ الزَّلَلِ وَيَتَقَبَّلُ مِنْهُمُ الْيَسِيرَ مِنَ الْعَمَلِ.
فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ أَيْ هُمْ فِي جُمْلَةِ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، وَهَذَا حُكْمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ كَمَا وَعَدَ اللَّهُ عز وجل من تاب إليه وأناب، ولهذا قال تعالى: وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [3] حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ عَنْ الْغِطْرِيفِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الرُّوحِ الْأَمِينِ عَلَيْهِ الصلاة والسلام قَالَ: «يُؤْتَى بِحَسَنَاتِ الْعَبْدِ وَسَيِّئَاتِهِ فَيَقْتَصُّ بَعْضُهَا ببعض، فإن بقيت حسنة وسع الله تعالى لَهُ فِي الْجَنَّةِ» قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى يَزْدَادَ فحدث بمثل هذا قَالَ: قُلْتُ فَإِنْ ذَهَبَتِ الْحَسَنَةُ؟ قَالَ أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيِّ عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بِإِسْنَادِهِ مثله وزاد عن الروح الأمين.

[1] المسند 3/ 218.
[2] البيت لدريد بن الصمة في ديوانه ص 69، والأصمعيات ص 108، والشعر والشعراء ص 755، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 821، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 298.
[3] تفسير الطبري 11/ 286.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست