responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 193
تَرِبَتْ جَبِينُهُ» [1] وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَذِلُّوا وَكَانُوا إِذَا قَدَرُوا عَفَوْا.
وقوله عز وجل: وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ أَيِ اتَّبَعُوا رُسُلَهُ وَأَطَاعُوا أَمْرَهُ وَاجْتَنَبُوا زَجْرَهُ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَهِيَ أَعْظَمُ الْعِبَادَاتِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ أَيْ لَا يُبْرِمُونَ أَمْرًا حَتَّى يَتَشَاوَرُوا فِيهِ لِيَتَسَاعَدُوا بِآرَائِهِمْ فِي مِثْلِ الْحُرُوبِ وَمَا جَرَى مجراها كما قال تبارك وتعالى: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [آل عمران: 159] الآية ولهذا كان عليه السلام يُشَاوِرُهُمْ فِي الْحُرُوبِ وَنَحْوِهَا لِيُطَيِّبَ بِذَلِكَ قُلُوبَهُمْ وَهَكَذَا لَمَّا حَضَرَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْوَفَاةُ حِينَ طُعِنَ جَعَلَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ شُورَى فِي سِتَّةِ نَفَرٍ وَهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَاجْتَمَعَ رَأْيُ الصحابة كلهم رضي الله عنهم عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَيْهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَذَلِكَ بِالْإِحْسَانِ إِلَى خَلْقِ الله الأقرب إليهم منهم فالأقرب.
وقوله عز وجل: وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ أَيْ فِيهِمْ قُوَّةُ الِانْتِصَارِ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَاعْتَدَى عَلَيْهِمْ ليسوا بالعاجزين ولا الأذلين بَلْ يَقْدِرُونَ عَلَى الِانْتِقَامِ مِمَّنْ بَغَى عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا مَعَ هَذَا إِذَا قَدَرُوا عَفَوْا كما قال يوسف عليه الصلاة والسلام لِإِخْوَتِهِ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ [يُوسُفَ: 92] مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِمْ وَمُقَابَلَتِهِمْ عَلَى صَنِيعِهِمْ إِلَيْهِ وَكَمَا عَفَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ الثَّمَانِينَ الَّذِينَ قَصَدُوهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَنَزَلُوا مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ فَلَمَّا قَدَرَ عَلَيْهِمْ مَنَّ عَلَيْهِمْ مَعَ قدرته على الانتقام وكذلك عفوه صلى الله عليه وسلم عَنْ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ الَّذِي أَرَادَ الْفَتْكَ به حِينَ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ وَهُوَ نَائِمٌ فَاسْتَيْقَظَ عَلَيْهِ السلام وهو في يده مصلتا فَانْتَهَرَهُ فَوَضَعَهُ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ وَدَعَا أَصْحَابَهُ ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ وَعَفَا عَنْهُ [2] .
وَكَذَلِكَ عفا صلى الله عليه وسلم عَنْ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ الَّذِي سَحَرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَعَ هَذَا لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَلَا عاتبه مع قدرته عليه وكذلك عفوه صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ الْيَهُودِيَّةِ- وَهِيَ زَيْنَبُ أُخْتُ مَرْحَبٍ الْيَهُودِيِّ الْخَيْبَرِيِّ الَّذِي قَتَلَهُ مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ- الَّتِي سَمَّتِ الذِّرَاعَ يَوْمَ خَيْبَرَ- فَأَخْبَرَهُ الذِّرَاعُ بذلك فدعاها فاعترفت فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكَ؟» قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَبِيًّا اسْتَرَحْنَا مِنْكَ [3] فَأَطْلَقَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَكِنْ لَمَّا مَاتَ مِنْهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ

[1] أخرجه البخاري في الأدب باب 38، وأحمد في المسند 3/ 126، 144، 158.
[2] أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة ذات الرقاع.
[3] أخرجه أبو داود في الديات باب 6.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست