responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 137
قال السدي لم يبعث الله عز وجل رَسُولًا قَطُّ إِلَى قَوْمٍ فَيَقْتُلُونَهُ أَوْ قَوْمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ فَيُقْتَلُونَ فَيَذْهَبُ ذلك القرن حتى يبعث الله تبارك وتعالى لَهُمْ مَنْ يَنْصُرُهُمْ فَيَطْلُبُ بِدِمَائِهِمْ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا قَالَ فَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ يُقْتَلُونَ فِي الدُّنْيَا وَهُمْ مَنْصُورُونَ فِيهَا. وهكذا نصر الله نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَنَاوَأَهُ وَكَذَّبَهُ وَعَادَاهُ فَجَعَلَ كَلِمَتَهُ هِيَ الْعُلْيَا وَدِينَهُ هُوَ الظَّاهِرَ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ، وَأَمَرَهُ بِالْهِجْرَةِ مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانَيْ قَوْمِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ وَجَعَلَ لَهُ فِيهَا أَنْصَارًا وَأَعْوَانًا، ثُمَّ مَنَحَهُ أَكْتَافَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ فَنَصْرَهُ عَلَيْهِمْ وَخَذَلَهُمْ لَهُ وَقَتَلَ صَنَادِيدَهُمْ، وَأَسَرَ سَرَاتَهُمْ فَاسْتَاقَهُمْ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ، ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِأَخْذِهِ الْفِدَاءَ مِنْهُمْ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَتَحَ عَلَيْهِ مَكَّةَ فَقَرَّتْ عَيْنُهُ بِبَلَدِهِ وَهُوَ الْبَلَدُ الْمُحَرَّمُ الْحَرَامُ الْمُشَرَّفُ الْمُعَظَّمُ فأنقذه الله تعالى به مما كان فيه من الكفر والشرك وَفَتَحَ لَهُ الْيَمَنَ وَدَانَتْ لَهُ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ بكاملها وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ لِمَا لَهُ عِنْدَهُ من الكرامة العظيمة فأقام الله تبارك وتعالى أَصْحَابَهُ خُلَفَاءَ بَعْدَهُ فَبَلَّغُوا عَنْهُ دِينَ اللَّهِ عز وجل ودعوا عباد الله تعالى إلى الله جل وعلا، وَفَتَحُوا الْبِلَادَ وَالرَّسَاتِيقَ وَالْأَقَالِيمَ وَالْمَدَائِنَ وَالْقُرَى وَالْقُلُوبَ حَتَّى انْتَشَرَتِ الدَّعْوَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا. ثُمَّ لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا مَنْصُورًا ظَاهِرًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَكُونُ النُّصْرَةُ أَعْظَمَ وَأَكْبَرَ وَأَجَلَّ، قَالَ مجاهد: الأشهاد الملائكة.
وقوله تعالى: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ وَقَرَأَ آخَرُونَ يَوْمُ بِالرَّفْعِ كَأَنَّهُ فَسَّرَهُ بِهِ وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ مَعْذِرَتُهُمْ أَيْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ عُذْرٌ وَلَا فِدْيَةٌ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ أَيِ الْإِبْعَادُ وَالطَّرْدُ مِنَ الرَّحْمَةِ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ وَهِيَ النَّارُ قَالَهُ السُّدِّيُّ بِئْسَ الْمَنْزِلُ وَالْمَقِيلُ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ أَيْ سُوءُ الْعَاقِبَةِ وَقَوْلُهُ تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَهُوَ مَا بَعَثَهُ الله عز وجل بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالنُّورِ وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ أَيْ جَعَلْنَا لَهُمُ الْعَاقِبَةَ وَأَوْرَثْنَاهُمْ بِلَادَ فِرْعَوْنَ وَأَمْوَالَهُ وَحَوَاصِلَهُ وَأَرْضَهُ بِمَا صَبَرُوا عَلَى طاعة الله تبارك وتعالى واتباع رسوله موسى عليه الصلاة والسلام وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي أُورِثُوهُ وَهُوَ التَّوْرَاةُ هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ وَهِيَ الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ السَّلِيمَةُ.
وقوله عز وجل: فَاصْبِرْ أَيْ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ أَيْ وَعَدْنَاكَ أَنَّا سَنُعْلِي كَلِمَتَكَ وَنَجْعَلُ الْعَاقِبَةَ لَكَ وَلِمَنِ اتَّبَعَكَ وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَهَذَا الَّذِي أَخْبَرْنَاكَ بِهِ حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فيه ولا شك وقوله تبارك وتعالى: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ هَذَا تَهْيِيجٌ لِلْأُمَّةِ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ أَيْ فِي أَوَاخِرِ النَّهَارِ وَأَوَائِلِ اللَّيْلِ وَالْإِبْكارِ وَهِيَ أَوَائِلُ النَّهَارِ وأواخر الليل.

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست