responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 126
فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا أَيْ بِالْبُرْهَانِ القاطع الدال على أن الله عز وجل أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَهَذَا أَمْرٌ ثَانٍ مِنْ فِرْعَوْنَ بِقَتْلِ ذُكُورِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَانَ لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ وُجُودِ مُوسَى أَوْ لِإِذْلَالِ هَذَا الشَّعْبِ وَتَقْلِيلِ عَدَدِهِمْ أَوْ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي فَلِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ لِإِهَانَةِ هَذَا الشَّعْبِ وَلِكَيْ يَتَشَاءَمُوا بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِهَذَا قَالُوا: أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [الْأَعْرَافِ: 129] قَالَ قَتَادَةُ هَذَا أَمْرٌ بعد أمر.
قال الله عز وجل: وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ أَيْ وَمَا مَكْرُهُمْ وَقَصْدُهُمُ الَّذِي هُوَ تَقْلِيلُ عَدَدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِئَلَّا يُنْصَرُوا عَلَيْهِمْ إِلَّا ذَاهِبٌ وَهَالِكٌ فِي ضَلَالٍ وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ وَهَذَا عَزْمٌ مِنْ فِرْعَوْنَ لعنه الله تعالى إلى قتل موسى عليه الصلاة والسلام أَيْ قَالَ لِقَوْمِهِ دَعُونِي حَتَّى أَقْتُلَ لَكُمْ هذا وَلْيَدْعُ رَبَّهُ أي لا أبالي به، وهذا في غاية الجحد والتجهرم والعناد، قوله قَبَّحَهُ اللَّهُ: إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ يَعْنِي مُوسَى، يَخْشَى فِرْعَوْنُ أَنْ يُضِلَّ مُوسَى النَّاسَ وَيُغَيِّرَ رُسُومَهُمْ وَعَادَاتِهُمْ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ فِي الْمَثَلِ: صَارَ فِرْعَوْنُ مُذَكِّرًا، يَعْنِي وَاعِظًا يُشْفِقُ عَلَى النَّاسِ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَقَرَأَ الْأَكْثَرُونَ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ وَأَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ وَقَرَأَ آخَرُونَ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ بِالضَّمِّ [1] وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ أَيْ لَمَّا بَلَغَهُ قَوْلُ فِرْعَوْنَ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى قال موسى عليه السلام اسْتَجَرْتُ بِاللَّهِ وَعُذْتُ بِهِ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ أَمْثَالِهِ وَلِهَذَا قَالَ: إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُونَ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ أَيْ عَنِ الْحَقِّ مُجْرِمٍ «لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ» وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ وَنَدْرَأُ بك في نحورهم» [2] .

[سورة غافر (40) : الآيات 28 الى 29]
وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشادِ (29)
الْمَشْهُورُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الْمُؤْمِنَ كَانَ قِبْطِيًّا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ قَالَ السدي: كان ابن عم فرعون

[1] انظر تفسير الطبري 11/ 53.
[2] أخرجه أبو داود في الوتر باب 30، وأحمد في المسند 4/ 414، 415.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست