responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 501
وقوله تعالى: فَأَغْشَيْناهُمْ أَيْ أَغْشَيْنَا أَبْصَارَهُمْ عَنِ الْحَقِّ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ أَيْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِخَيْرٍ وَلَا يَهْتَدُونَ إِلَيْهِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [1] : وَرُوِيَ عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ «فَأَعْشَيْنَاهُمْ» بِالْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ مِنَ الْعَشَا، وَهُوَ دَاءٌ فِي الْعَيْنِ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: جَعَلَ اللَّهُ تعالى هَذَا السَّدَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، فَهُمْ لَا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ، وَقَرَأَ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [يُونُسَ: 96- 97] ثُمَّ قَالَ: من منعه الله تعالى لَا يَسْتَطِيعُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ:
لَئِنْ رَأَيْتَ مُحَمَّدًا لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ، فَأُنْزِلَتْ إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا- إِلَى قَوْلِهِ- فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: أَيْنَ هُوَ أَيْنَ هُوَ؟ لَا يُبْصِرُهُ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَهُمْ جُلُوسٌ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّكُمْ إِنْ تَابَعْتُمُوهُ كُنْتُمْ مُلُوكًا فَإِذَا مُتُّمْ بُعِثْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ، وَكَانَتْ لَكُمْ جِنَانٌ خَيْرٌ مِنْ جِنَانِ الْأُرْدُنِّ، وَأَنَّكُمْ إِنْ خَالَفْتُمُوهُ كَانَ لَكُمْ مِنْهُ ذَبْحٌ، ثُمَّ بُعِثْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ وَكَانَتْ لَكُمْ نَارٌ تُعَذَّبُونَ بِهَا. وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ وَفِي يَدِهِ حَفْنَةٌ من تراب، وقد أخذ الله تعالى على أعينهم دونه، فجعل يذرها على رؤوسهم وَيَقْرَأُ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ- حَتَّى انْتَهَى إِلَى قوله تعالى- وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ، وَبَاتُوا رصدا عَلَى بَابِهِ حَتَّى خَرَجَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ خَارِجٌ مِنَ الدَّارِ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: نَنْتَظِرُ مُحَمَّدًا، قَالَ: قَدْ خَرَجَ عَلَيْكُمْ فَمَا بقي منكم من رجل إلا وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا، ثُمَّ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ، فَجَعَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَنْفُضُ مَا عَلَى رَأْسِهِ مِنَ التُّرَابِ. قَالَ: وَقَدْ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُ أَبِي جَهْلٍ فَقَالَ: «وَأَنَا أَقُولُ ذَلِكَ إِنَّ لَهُمْ مِنِّي لذبحا وإنه أحدهم» .
وقوله تبارك وتعالى: وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ أي فقد خَتَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالضَّلَالَةِ فَمَا يُفِيدُ فِيهِمُ الْإِنْذَارُ وَلَا يَتَأَثَّرُونَ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في أول سورة البقرة، وكما قال تبارك وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [يُونُسَ: 96- 97] إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ أَيْ إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِإِنْذَارِكَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الذِّكْرَ وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ أَيْ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ تبارك وتعالى يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ وَعَالَمٌ بِمَا يفعل فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ أَيْ لِذُنُوبِهِ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ أَيْ كثير واسع حسن جميل، كما قال تبارك وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [الملك: 12] ثم قال عز وجل: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى أي

[1] تفسير الطبري 10/ 428.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 501
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست