responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 282
أهل الشرك لبيك اللهم لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تملكه وما ملك. فأنزل الله تعالى: هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي مَا رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ [1] .
وَلَمَّا كَانَ التَّنْبِيهُ بِهَذَا الْمَثَلِ عَلَى بَرَاءَتِهِ تَعَالَى وَنَزَاهَتِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى والأحرى. قال تعالى:
كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُبَيِّنًا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إِنَّمَا عَبَدُوا غَيْرَهُ سَفَهًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجَهْلًا بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيِ الْمُشْرِكُونَ أَهْواءَهُمْ أَيْ فِي عِبَادَتِهِمُ الْأَنْدَادَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ أَيْ فَلَا أَحَدَ يَهْدِيهِمْ إِذَا كَتَبَ الله ضلالهم وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ أَيْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ مُنْقِذٌ وَلَا مُجِيرٌ وَلَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهُ، لِأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يكن.

[سورة الروم (30) : الآيات 30 الى 32]
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)
يَقُولُ تَعَالَى: فَسَدِّدْ وَجْهَكَ وَاسْتَمَرَّ على الدين الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْحَنِيفِيَّةِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي هَدَاكَ اللَّهُ لَهَا وَكَمَّلَهَا لَكَ غَايَةَ الْكَمَالِ، وَأَنْتَ مَعَ ذَلِكَ لَازِمْ فِطْرَتَكَ السَّلِيمَةَ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ تَعَالَى فَطَرَ خَلْقَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى [الْأَعْرَافِ: 172] . وَفِي الْحَدِيثِ «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ، فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ دِينِهِمْ» [2] وَسَنَذْكُرُ فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَطَرَ خَلْقَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَى بَعْضِهِمُ الْأَدْيَانُ الْفَاسِدَةُ كاليهودية والنصرانية والمجوسية.
وقوله تعالى: لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ لَا تُبَدِّلُوا خَلْقَ اللَّهِ فَتُغَيِّرُوا النَّاسَ عَنْ فِطْرَتِهِمُ الَّتِي فَطَرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ خَبَرًا بِمَعْنَى الطَّلَبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً [آلِ عمران: 97] وهو مَعْنًى حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ خَبَرٌ عَلَى بَابِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَالَى سَاوَى بَيْنَ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ فِي الْفِطْرَةِ عَلَى الْجِبِلَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ، لَا يُولَدُ أَحَدٌ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ، وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ. وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ أَيْ لِدِينِ اللَّهِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَوْلُهُ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ لِدِينِ اللَّهِ، خَلْقُ الْأَوَّلِينَ دِينُ الْأَوَّلِينَ، الدين وَالْفِطْرَةُ الْإِسْلَامُ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بن

[1] انظر الدر المنثور 5/ 298.
[2] أخرجه مسلم في الجنة حديث 63.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست