responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 259
«مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أُعْطِيَ مَا آمَنَ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا» [1] وَفِي حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنِّي مُبْتَلِيكَ وَمُبْتَلٍ بِكَ، وَمُنْزِلٌ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا ويقظانا» [2] أَيْ لَوْ غَسَلَ الْمَاءُ الْمَحَلَّ الْمَكْتُوبَ فِيهِ لما احتيج إلى ذلك المحل، لأنه قد جاء من الْحَدِيثِ الْآخَرِ «لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ ما أحرقته النار» [3] ولأنه مَحْفُوظٌ فِي الصُّدُورِ مُيَسَّرٌ عَلَى الْأَلْسِنَةِ، مُهَيْمِنٌ عَلَى الْقُلُوبِ، مُعْجِزٌ لَفْظًا وَمَعْنَى، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي صِفَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنَاجِيلُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ.
وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ [4] : أَنَّ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ بَلِ الْعِلْمُ بِأَنَّكَ مَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِ هَذَا الْكِتَابِ كِتَابًا، وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعَلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَنَقَلَهُ عَنْ قَتَادَةَ وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَحَكَى الْأَوَّلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَقَطْ، قُلْتُ وهو الذي رواه العوفي عن ابن عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ الضَّحَّاكُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وقوله تعالى: وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ أَيْ مَا يُكَذِّبُ بِهَا وَيَبْخَسُ حَقَّهَا وَيَرُدُّهَا إِلَّا الظَّالِمُونَ، أَيِ الْمُعْتَدُونَ الْمُكَابِرُونَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ وَيَحِيدُونَ عَنْهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [يونس: 96- 97] .

[سورة العنكبوت (29) : الآيات 50 الى 52]
وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (52)
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْمُشْرِكِينَ فِي تَعَنُّتِهِمْ وَطَلَبِهِمْ آيَاتٍ، يَعْنُونَ تُرْشِدُهُمْ إِلَى أَنَّ محمدا رسول الله كما أتى صَالِحٌ بِنَاقَتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ أَيْ إِنَّمَا أَمْرُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَوْ عَلِمَ أنكم تهتدون لأجابكم إلى سؤالكم، لأن هذا سَهْلٌ عَلَيْهِ يَسِيرٌ لَدَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يَعْلَمُ مِنْكُمْ أنكم إنما قصدتم التَّعَنُّتُ وَالِامْتِحَانُ، فَلَا يُجِيبُكُمْ إِلَى ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها [الإسراء: 59] .

[1] أخرجه البخاري في الاعتصام باب 1، وفضائل القرآن باب 1، ومسلم في الإيمان حديث 239.
[2] أخرجه مسلم في الجنة حديث 63، وأحمد في المسند 4/ 162.
[3] أخرجه أحمد في المسند 4/ 151، 155.
[4] تفسير الطبري 10/ 153.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست