responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 218
فما أَدْرِي إِذَا يَمَّمْتُ أَرْضًا ... أُرِيدُ الْخَيْرَ أَيُّهُمَا يليني «1»
أي فما أدري يليني الْخَيْرُ أَوِ الشَّرُّ. قَالَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ: أمرت اليهود قريشا أَنْ يَقُولُوا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، فَقَالَ اللَّهُ: أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قالوا ساحران تَظَاهَرَا قَالَ يَعْنِي مُوسَى وَهَارُونَ صَلَّى اللَّهُ عليهما وَسَلَّمَ تَظاهَرا أَيْ تَعَاوَنَا وَتَنَاصَرَا وَصَدَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ؟ وَبِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو رَزِينٍ فِي قَوْلِهِ سَاحِرَانِ يَعْنُونَ مُوسَى وَهَارُونَ، وَهَذَا قَوْلٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالوا ساحران تظاهرا قال:
يعنون موسى ومحمدا صلى الله عليهما وسلم، وهذه رواية الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ وقَتَادَةُ: يَعْنِي عِيسَى وَمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ، وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ، لِأَنَّ عِيسَى لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ هَاهُنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ سِحْرانِ تَظاهَرا فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَالْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنُونَ التَّوْرَاةَ وَالْقُرْآنَ، وَكَذَا قَالَ عَاصِمٌ الْجَنَدِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. قَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي صَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَعْنُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ: الْإِنْجِيلُ والقرآن، والله سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
وَالظَّاهِرُ عَلَى قِرَاءَةِ سِحْرانِ أَنَّهُمْ يَعْنُونَ التَّوْرَاةَ وَالْقُرْآنَ، لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ: قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ وَكَثِيرًا مَا يُقْرِنُ اللَّهُ بَيْنَ التَّوْرَاةِ وَالْقُرْآنِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ- إِلَى أَنْ قَالَ- وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ [الْأَنْعَامِ: 91- 92] وَقَالَ فِي آخِرِ السُّورَةِ: ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ الآية، وقال: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام: 155] وقال الْجِنُّ إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ [الْأَحْقَافِ: 30] .
وَقَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى مُوسَى. وَقَدْ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ لِذَوِي الْأَلْبَابِ أن الله تعالى لَمْ يُنْزِلْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فِيمَا أَنْزَلَ مِنَ الْكُتُبِ الْمُتَعَدِّدَةِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ أَكْمَلَ وَلَا أَشْمَلَ وَلَا أَفْصَحَ وَلَا أَعْظَمَ وَلَا أَشْرَفَ مِنَ الْكِتَابِ الذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَبَعْدَهُ فِي الشَّرَفِ وَالْعَظَمَةِ الْكِتَابُ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُوسَى بن عمران عليه السلام، وهو الكتاب الذي قال الله فيه:

(1) البيت للمثقب العبدي في ديوانه ص 212، وخزانة الأدب 11/ 80، وشرح اختيارات المفضل ص 1267، وشرح شواهد المغني 1/ 191، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص 145، وخزانة الأدب 6/ 37.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست