responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 384
[سورة الحج (22) : الآيات 42 الى 46]
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (44) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لَا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)
يَقُولُ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَكْذِيبِ مَنْ خَالَفَهُ مِنْ قَوْمِهِ: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ- إِلَى أَنْ قَالَ- وَكُذِّبَ مُوسى أَيْ مَعَ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَاتِ فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ أَيْ أَنْظَرْتُهُمْ وَأَخَّرْتُهُمْ، ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أي فيكف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم؟! وذكر بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ قَوْلِ فِرْعَوْنَ لقومه: أنا ربكم الأعلى، وَبَيْنَ إِهْلَاكِ اللَّهِ لَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً.
وَفِي الصحيحين عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» ثُمَّ قَرَأَ وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [1] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَيْ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْتُهَا وَهِيَ ظالِمَةٌ أي مكذبة لرسلها فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قَالَ الضَّحَّاكُ: سُقُوفُهَا، أي قد خربت وَتَعَطَّلَتْ حَوَاضِرُهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ أَيْ لَا يُسْتَقَى مِنْهَا، وَلَا يَرِدُهَا أَحَدٌ بَعْدَ كَثْرَةِ وَارِدِيهَا وَالِازْدِحَامِ عَلَيْهَا وَقَصْرٍ مَشِيدٍ قَالَ عِكْرِمَةُ يَعْنِي الْمُبَيَّضَ بِالْجِصِّ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي الْمَلِيحِ وَالضَّحَّاكِ نَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ المنيف المرتفع. وقال آخرون:
المشيد الْمَنِيعُ الْحَصِينُ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مُتَقَارِبَةٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَحْمِ أَهْلَهُ شِدَّةُ بِنَائِهِ وَلَا ارْتِفَاعُهُ وَلَا إِحْكَامُهُ وَلَا حَصَانَتُهُ عَنْ حُلُولِ بَأْسِ اللَّهِ بِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [هود: 102] .
وَقَوْلُهُ: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ أَيْ بِأَبْدَانِهِمْ وَبِفِكْرِهِمْ أَيْضًا، وَذَلِكَ كَافٍ كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ التَّفَكُّرِ وَالِاعْتِبَارِ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَوْحَى الله تعالى إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنِ يَا مُوسَى اتَّخِذْ نَعْلَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ وَعَصًا، ثُمَّ سِحْ فِي الْأَرْضِ، ثم اطلب الآثار والعبر، حتى يتخرق النعلان وتنكسر الْعَصَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: قَالَ بَعْضُ الحكماء: أحي قلبك بالمواعظ، ونوره بالتفكر، وَمَوِّتْهُ بِالزُّهْدِ، وَقَوِّهِ بِالْيَقِينِ، وذَلِّلْهُ بِالْمَوْتِ، وَقَرِّرْهُ بِالْفَنَاءِ، وَبَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْيَا، وَحَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ وَفُحْشَ تَقَلُّبِ الْأَيَّامِ، وَاعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْمَاضِينَ، وذكره ما أصاب من

[1] أخرجه البخاري في تفسير سورة 11، باب 5، ومسلم في البر حديث 62، والترمذي في تفسير سورة 11، باب 2.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 384
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست