responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 314
بَيْنَهُمْ عَلَيْهَا، فَشَهِدُوا عَلَيْهَا عِنْدَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهَا مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا كَلْبًا لَهَا قَدْ عَوَّدَتْهُ ذَلِكَ مِنْهَا، فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا، فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ جَلَسَ سُلَيْمَانُ وَاجْتَمَعَ مَعَهُ وِلْدَانٌ مِثْلُهُ، فَانْتَصَبَ حَاكِمًا وَتَزَيَّا أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ بِزِيِّ أُولَئِكَ، وَآخَرُ بِزِيِّ الْمَرْأَةِ، وَشَهِدُوا عَلَيْهَا بِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا كَلْبًا، فَقَالَ سليمان فرقوا بينهم، فسأل أولهم مَا كَانَ لَوْنُ الْكَلْبِ؟ فَقَالَ أَسْوَدُ، فَعَزَلَهُ وَاسْتَدْعَى الْآخَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ لَوْنِهِ، فَقَالَ: أَحْمَرُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَغْبَشُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَبْيَضُ، فَأَمَرَ عند ذلك بقتلهم، فحكي ذلك لداود عليه السّلام فَاسْتَدْعَى مِنْ فَوْرِهِ بِأُولَئِكَ الْأَرْبَعَةِ فَسَأَلَهُمْ مُتَفَرِّقِينَ عَنْ لَوْنِ ذَلِكَ الْكَلْبِ، فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ الآية، وَذَلِكَ لِطِيبِ صَوْتِهِ بِتِلَاوَةِ كِتَابِهِ الزَّبُورِ، وَكَانَ إِذَا تَرَنَّمَ بِهِ تَقِفُ الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ فَتُجَاوِبُهُ، وَتَرُدُّ عَلَيْهِ الْجِبَالُ تَأْوِيبًا، وَلِهَذَا لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ يَتْلُو الْقُرْآنَ مِنَ اللَّيْلِ وَكَانَ لَهُ صَوْتٌ طَيِّبٌ جَدًا، فَوَقَفَ واستمع لقراءته، وقال: «لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرَ آلِ دَاوُدَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لو علمت أنك تستمع لِحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا [1] . وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: مَا سَمِعْتُ صَوْتَ صَنْجٍ وَلَا بَرَبْطَ وَلَا مِزْمَارٍ مِثْلَ صَوْتِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عنه، ومع هذا قال عليه الصلاة والسلام: «لَقَدْ أُوتِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» .
وَقَوْلُهُ: وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ يَعْنِي صَنْعَةَ الدُّرُوعِ. قَالَ قَتَادَةُ:
إِنَّمَا كَانَتِ الدُّرُوعُ قَبْلَهُ صَفَائِحَ: وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَرَدَهَا حَلَقًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ [سَبَأٍ: 10- 11] أَيْ لَا تُوَسِّعِ الْحَلْقَةَ فَتُقْلِقَ الْمِسْمَارَ وَلَا تُغْلِظِ الْمِسْمَارَ فَتَقُدَّ الْحَلْقَةَ، وَلِهَذَا قَالَ: لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ يَعْنِي فِي الْقِتَالِ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ أَيْ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ لِمَا أَلْهَمَ بِهِ عَبْدَهُ دَاوُدَ، فَعَلَّمَهُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِكُمْ.
وَقَوْلُهُ: وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً أَيْ وَسَخَّرْنَا لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ الْعَاصِفَةَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها يَعْنِي أَرْضَ الشَّامِ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ بِسَاطٌ مِنْ خَشَبٍ يُوضَعُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الْمَمْلَكَةِ وَالْخَيْلِ وَالْجِمَالِ وَالْخِيَامِ وَالْجُنْدِ ثُمَّ يَأْمُرُ الرِّيحَ أَنْ تَحْمِلَهُ، فتدخل تحته ثم تحمله وترفعه وتسير به، وتظله الطير تقيه الْحَرِّ إِلَى حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الْأَرْضِ، فَيَنْزِلُ وتوضع آلاته وحشمه، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ [ص: 36] وقال تعالى: غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ [سَبَأٍ: 12] .
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذُكِرَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ أَبِي سِنَانٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قال: كان

[1] أخرج القسم الأول من الحديث: البخاري في فضائل القرآن باب 31، ومسلم في المسافرين حديث 235، 236، والترمذي في المناقب باب 55، والنسائي في الافتتاح باب 83، وابن ماجة في الإقامة باب 176، والدارمي في الصلاة باب 171، وفضائل القرآن باب 34، وأحمد في المسند 2/ 369، 450، 5/ 349، 351، 359، 6/ 37، 167.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست