responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 203
عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ عيسى ابن مريم قد درس الإنجيل وأحكمها وهو فِي بَطْنِ أُمِّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ الْحِمْصِيُّ مَتْرُوكٌ.
وَقَوْلُهُ: وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ وَالثَّوْرِيُّ: وَجَعَلَنِي مُعَلِّمًا لِلْخَيْرِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: نَفَّاعًا. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [1] : حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ الْمَخْزُومِيُّ، سَمِعْتُ وُهَيْبَ بْنَ الْوَرْدِ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ: لَقِيَ عَالِمٌ عَالِمًا هُوَ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ، فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ مَا الَّذِي أُعْلِنُ مِنْ عَمَلِي؟ قَالَ: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِنَّهُ دِينُ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ إِلَى عِبَادِهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى قَوْلِ اللَّهِ: وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَقِيلَ: مَا بَرَكَتُهُ؟ قَالَ: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ أَيْنَمَا كَانَ. وَقَوْلُهُ: وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا كَقَوْلِهِ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الْحِجْرِ: 99] . وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا قَالَ: أَخْبَرَهُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِهِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ، ما أبينها لِأَهْلِ الْقَدَرِ.
وَقَوْلُهُ: وَبَرًّا بِوالِدَتِي أَيْ وَأَمَرَنِي بِبِرِّ وَالِدَتِي، ذَكَرَهُ بَعْدَ طَاعَةِ اللَّهِ رَبِّهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَثِيرًا مَا يُقْرِنُ بَيْنَ الْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ وَطَاعَةِ الْوَالِدَيْنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً [الْإِسْرَاءِ: 23] وَقَالَ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لُقْمَانَ:
14] . وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا أَيْ وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا مُسْتَكْبِرًا عَنْ عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَبِرِّ وَالِدَتِي، فَأَشْقَى بِذَلِكَ. قَالَ سفيان الثوري: الجبار الشقي الذي يقتل عَلَى الْغَضَبِ. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا تُجِدُ أَحَدًا عَاقًّا لِوَالِدَيْهِ إِلَّا وَجَدْتَهُ جَبَّارًا شَقِيًّا، ثُمَّ قَرَأَ: وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا قَالَ: وَلَا تَجِدُ سَيِّئَ الْمَلَكَةِ [2] إِلَّا وَجَدَّتَهُ مُخْتَالًا فَخُورًا، ثُمَّ قَرَأَ:
وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً [النساء: 36] .
قال قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ امْرَأَةً رَأَتِ ابْنَ مَرْيَمَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ فِي آيَاتٍ سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ وَأَذِنَ لَهُ فِيهِنَّ، فقالت: طوبى للبطن الذي حملك، وطوبى للثدي الَّذِي أُرْضِعْتَ بِهِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى عليه السلام يجيبها: طوبى لمن تلا كتاب اللَّهِ فَاتَّبَعَ مَا فِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا شَقِيًّا [3] . وَقَوْلُهُ: وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا إِثْبَاتٌ مِنْهُ لِعُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ خَلْقِ الله يحيى وَيَمُوتُ وَيُبْعَثُ كَسَائِرِ الْخَلَائِقِ، وَلَكِنْ لَهُ السَّلَامَةَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الَّتِي هِيَ أَشَقُّ مَا يَكُونُ عَلَى الْعِبَادِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

[1] تفسير الطبري 8/ 338.
[2] سيئ الملكة: هو الذي يسيء صحبة ومعاملة المماليك.
[3] انظر تفسير الطبري 8/ 339، 340.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست