responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 195
الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: إِنَّ رُوحَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْوَاحِ الَّتِي أُخِذَ عَلَيْهَا الْعَهْدُ فِي زَمَانِ آدَمَ عليه السلام، وَهُوَ الَّذِي تَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا، أَيْ رُوحُ عِيسَى، فَحَمَلَتِ الَّذِي خَاطَبَهَا، وَحَلَّ فِي فِيهَا، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْغَرَابَةِ وَالنَّكَارَةِ وَكَأَنَّهُ إِسْرَائِيلِيٌّ قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
أَيْ لَمَّا تَبَدَّى لَهَا الْمَلَكُ فِي صُورَةِ بَشَرٍ وَهِيَ فِي مَكَانٍ مُنْفَرِدٍ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْمِهَا حِجَابٌ، خَافَتْهُ وَظَنَّتْ أَنَّهُ يُرِيدُهَا عَلَى نَفْسِهَا، فَقَالَتْ:
إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
أَيْ إِنْ كُنْتَ تخاف الله تذكيرا لَهُ بِاللَّهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْرُوعُ فِي الدَّفْعِ أَنْ يَكُونَ بِالْأَسْهَلِ، فَالْأَسْهَلِ، فَخَوَّفَتْهُ أَوَّلًا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [1] : حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: قَالَ أَبُو وَائِلٍ وَذَكَرَ قِصَّةَ مَرْيَمَ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ حِينَ قالت: إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ
أَيْ فقال لها الملك مجيبا لها ومزيلا لما حَصَلَ عِنْدَهَا مِنَ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهَا لَسْتُ مِمَّا تَظُنِّينَ وَلَكِنِّي رَسُولُ رَبِّكِ أَيْ بَعَثَنِي الله إِلَيْكِ، وَيُقَالُ إِنَّهَا لَمَّا ذَكَرَتِ الرَّحْمَنَ انْتَفَضَ جِبْرِيلُ فَرَقًا وَعَادَ إِلَى هَيْئَتِهِ وَقَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِيَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا هَكَذَا قَرَأَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ أَحَدُ مَشْهُورِي الْقُرَّاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا
وَكِلَا الْقِرَاءَتَيْنِ لَهُ وَجْهٌ حَسَنٌ وَمَعْنًى صَحِيحٌ، وَكُلٌّ تَسْتَلْزِمُ الْأُخْرَى.
قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ أَيْ فَتَعَجَّبَتْ مَرْيَمُ مِنْ هَذَا وَقَالَتْ: كَيْفَ يَكُونُ لِي غُلَامٌ؟ أَيْ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ يُوجَدُ هَذَا الْغُلَامُ مِنِّي، وَلَسْتُ بِذَاتِ زَوْجٍ، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنِّي الْفُجُورُ، وَلِهَذَا قَالَتْ: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا وَالْبَغِيُّ هِيَ الزَّانِيَةُ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ نُهِيَ عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ أَيْ فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ مُجِيبًا لَهَا عَمَّا سَأَلَتْ:
إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَالَ إِنَّهُ سَيُوجَدُ مِنْكِ غُلَامًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكِ بَعْلٌ، وَلَا تُوجَدُ مِنْكِ فَاحِشَةٌ، فَإِنَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَادِرٌ، وَلِهَذَا قَالَ: وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ أَيْ دَلَالَةً وَعَلَامَةً لِلنَّاسِ عَلَى قُدْرَةِ بَارِئِهِمْ وَخَالِقِهِمُ الَّذِي نَوَّعَ فِي خَلْقِهِمْ، فَخَلَقَ أَبَاهُمْ آدَمَ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى وَخَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ذَكَرٍ بِلَا أُنْثَى، وَخَلَقَ بَقِيَّةَ الذُّرِّيَّةِ مَنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى إِلَّا عِيسَى، فَإِنَّهُ أَوْجَدَهُ مِنْ أُنْثَى بِلَا ذَكَرٍ، فَتَمَّتِ الْقِسْمَةُ الرُّبَاعِيَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.
وَقَوْلُهُ: وَرَحْمَةً مِنَّا أَيْ وَنَجْعَلُ هَذَا الغلام رحمة من الله ونبيا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْحِيدِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ [آل عمران: 45] أي يدعو إلى عبادة رَبِّهِ فِي مَهْدِهِ وَكُهُولَتِهِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ إبراهيم، حدثنا مروان، حدثنا

[1] تفسير الطبري 8/ 321. [.....]
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست