responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 144
وقوله: فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ أَيْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَيُرْسِلَ عَلَيْها أَيْ عَلَى جَنَّتِكَ فِي الدُّنْيَا الَّتِي ظَنَنْتَ أَنَّهَا لَا تَبِيدُ وَلَا تَفْنَى حُسْباناً مِنَ السَّماءِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وقَتَادَةُ وَمَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَيْ عَذَابًا مِنَ السَّمَاءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَطَرٌ عَظِيمٌ مُزْعِجٌ يُقْلِعُ زَرْعَهَا وَأَشْجَارَهَا، وَلِهَذَا قال: فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً أي بلقا تُرَابًا أَمْلَسَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَالْجُرُزِ الَّذِي لَا يُنْبِتُ شَيْئًا وَقَوْلُهُ: أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً أَيْ غَائِرًا فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ ضِدُّ النَّابِعِ الَّذِي يُطْلَبُ وَجْهَ الْأَرْضِ، فَالْغَائِرُ يُطْلَبُ أَسْفَلَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ [الْمُلْكِ: 30] أَيْ جَارٍ وسائح، وَقَالَ هَاهُنَا: أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً وَالْغَوْرُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى غَائِرٍ، وهو أبلغ منه، كما قال الشاعر: [المتقارب]
تَظَلُّ جِيَادُهُ نَوْحًا عَلَيْهِ ... تُقَلِّدُهُ أَعِنَّتَهَا صُفُوفَا «1»
بمعنى نائحات عليه.

[سورة الكهف (18) : الآيات 42 الى 44]
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى مَا أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً (43) هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً (44)
يَقُولُ تَعَالَى: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ بِأَمْوَالِهِ أَوْ بِثِمَارِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ وَقَعَ بِهَذَا الْكَافِرِ مَا كَانَ يَحْذَرُ مِمَّا خَوَّفَهُ بِهِ الْمُؤْمِنُ مِنْ إِرْسَالِ الْحُسْبَانِ عَلَى جَنَّتِهِ الَّتِي اغْتَرَّ بِهَا وَأَلْهَتْهُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى مَا أَنْفَقَ فِيها وَقَالَ قَتَادَةُ: يُصَفِّقُ كَفَّيْهِ متأسفا متلهفا على الأموال التي أذهبها عليها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ أَيْ عَشِيرَةٌ أَوْ وَلَدٌ، كَمَا افْتَخَرَ بِهِمْ وَاسْتَعَزَّ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ هَاهُنَا فَمِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ عَلَى قَوْلِهِ: وَما كانَ مُنْتَصِراً هُنالِكَ أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ الَّذِي حَلَّ بِهِ عَذَابُ اللَّهِ، فَلَا منقذ له مِنْهُ، وَيَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ: الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ عَلَى وَما كانَ مُنْتَصِراً وَيَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَةِ الْوَلَايَةُ، فَمِنْهُمْ مَنْ فَتَحَ الْوَاوَ من الولاية، فيكون المعنى هنالك الموالاة لله، أي هناك كل أحد مُؤْمِنٍ أَوْ كَافِرٍ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى مُوَالَاتِهِ وَالْخُضُوعِ لَهُ إِذَا وَقَعَ الْعَذَابُ، كَقَوْلِهِ: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ [غَافِرَ: 84] وَكَقَوْلِهِ إِخْبَارًا عَنْ فِرْعَوْنَ:
حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [يُونُسَ: 90- 91] وَمِنْهُمْ مَنْ كسر الواو من الولاية، أي

(1) البيت بلا نسبة في تفسير الطبري 8/ 226.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست