responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 117
[سورة الإسراء (17) : الآيات 107 الى 109]
قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109)
يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ بِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا أَيْ سَوَاءٌ آمَنْتُمْ بِهِ أَمْ لَا، فَهُوَ حَقٌّ فِي نَفْسِهِ أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَنَوَّهَ بِذِكْرِهِ فِي سَالِفِ الْأَزْمَانِ فِي كُتُبِهِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى رُسُلِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ أي من صالحي أهل الكتاب الذين تمسكوا بِكِتَابِهِمْ وَيُقِيمُونَهُ وَلَمْ يُبَدِّلُوهُ وَلَا حَرَّفُوهُ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ هَذَا الْقُرْآنُ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ جَمْعُ ذَقْنٍ وَهُوَ أَسْفَلُ الْوَجْهِ سُجَّداً أَيْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شُكْرًا عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ جَعْلِهِ إِيَّاهُمْ أَهْلًا إِنْ أَدْرَكُوا هَذَا الرَّسُولَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْكِتَابُ، وَلِهَذَا يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا أَيْ تَعْظِيمًا وَتَوْقِيرًا عَلَى قُدْرَتِهِ التَّامَّةِ وَأَنَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ الَّذِي وَعَدَهُمْ عَلَى أَلْسِنَةِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَنْ بَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِهَذَا قَالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا. وَقَوْلُهُ: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ أَيْ خُضُوعًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِيمَانًا وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً أَيْ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا، كَمَا قَالَ: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ [مُحَمَّدٍ: 17] . وَقَوْلُهُ: وَيَخِرُّونَ عَطْفُ صِفَةٍ عَلَى صِفَةٍ لَا عَطْفُ السجود على السجود، كما قال الشاعر: [المتقارب]
إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ ... وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ في المزدحم «1»

[سورة الإسراء (17) : الآيات 110 الى 111]
قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (111)
يَقُولُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُنْكِرِينَ صِفَةَ الرَّحْمَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، الْمَانِعِينَ مِنْ تَسْمِيَتِهِ بِالرَّحْمَنِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ دُعَائِكُمْ لَهُ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ بِاسْمِ الرَّحْمَنِ، فَإِنَّهُ ذُو الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ- إِلَى أَنْ قَالَ- لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الحشر: 22- 24] الآية، وَقَدْ رَوَى مَكْحُولٌ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ» فَقَالَ: إِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَدْعُو وَاحِدًا وَهُوَ يَدْعُو اثْنَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُمَا ابْنُ جَرِيرٍ.

(1) البيت بلا نسبة في الإنصاف 2/ 469، وخزانة الأدب 1/ 451، 5/ 107، 6/ 91، وشرح قطر الندى ص 295.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست