responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 102
[سورة الإسراء (17) : الآيات 80 الى 81]
وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (80) وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (81)
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [1] : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً وقال الترمذي: حسن صحيح، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: إِنَّ كُفَّارَ أَهْلِ مَكَّةَ لَمَّا ائْتَمَرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَقْتُلُوهُ أَوْ يطردوه أو يوثقوه، فأراد الله قتال أهل مكة، أمره أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ الآية [2] .
وَقَالَ قَتَادَةُ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ يَعْنِي الْمَدِينَةَ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ يَعْنِي مَكَّةَ [3] ، وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ يَعْنِي الْمَوْتَ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ يَعْنِي الْحَيَاةَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ.
وَقَوْلُهُ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهَا: وَعَدَهُ رَبُّهُ لَيَنْزَعَنَّ مُلْكَ فَارِسَ وَعِزَّ فَارِسَ وَلَيَجْعَلَنَّهُ لَهُ، وَمُلْكَ الرُّومِ وَعِزَّ الرُّومِ وَلَيَجْعَلَنَّهُ لَهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ فِيهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم أن لا طَاقَةَ لَهُ بِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا بِسُلْطَانٍ، فَسَأَلَ سُلْطَانًا نَصِيرًا لِكِتَابِ اللَّهِ، وَلِحُدُودِ اللَّهِ، وَلِفَرَائِضِ اللَّهِ، وَلِإِقَامَةِ دِينِ اللَّهِ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ جَعَلَهُ بَيْنَ أَظْهُرِ عِبَادِهِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَغَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَأَكَلَ شَدِيدُهُمْ ضَعِيفَهُمْ [4] ، قَالَ مُجَاهِدٌ سُلْطاناً نَصِيراً حُجَّةً بَيِّنَةً، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ قَوْلَ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الْحَقِّ مِنْ قهر لمن عاداه وناوأه، ولهذا يقول تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ- إلى قوله- وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ [الحديد: 25] الآية. وَفِي الْحَدِيثِ «إِنَّ اللَّهَ لَيَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لَا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ» أَيْ لَيَمْنَعُ بِالسُّلْطَانِ عَنِ ارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ وَالْآثَامِ مَا لَا يَمْتَنِعُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِالْقُرْآنِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ الْأَكِيدِ وَالتَّهْدِيدِ الشَّدِيدِ، وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ.
وَقَوْلُهُ: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ الآية، تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحَقُّ الَّذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَلَا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ، وَهُوَ مَا بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ، وَزَهَقَ بَاطِلُهُمْ أَيِ اضْمَحَلَّ وَهَلَكَ، فَإِنَّ الْبَاطِلَ لَا ثَبَاتَ لَهُ مَعَ الْحَقِّ وَلَا بَقَاءَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ [الْأَنْبِيَاءِ: 18] . وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود قال: دخل

[1] المسند 1/ 223.
[2] انظر تفسير الطبري 8/ 135.
[3] تفسير الطبري 8/ 135.
[4] انظر تفسير الطبري 8/ 137.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست