responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 219
لَهُمْ نُورًا يَمْشُونَ بِهِ [1] ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ في الآية: يَمْثُلُ لَهُ عَمَلُهُ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ وَرِيحٍ طَيِّبَةٍ إِذَا قَامَ مِنْ قَبْرِهِ يُعَارِضُ صَاحِبَهُ وَيُبَشِّرُهُ بِكُلِّ خَيْرٍ فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ فَيُجْعَلُ لَهُ نُورًا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ حَتَّى يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ وَالْكَافِرُ يَمْثُلُ لَهُ عمله في صورة سيئة وريح منتنة فيلزم صَاحِبَهُ وَيُلَازُّهُ [2] حَتَّى يَقْذِفَهُ فِي النَّارِ [3] ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ قَتَادَةَ مُرْسَلًا فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أَيْ هَذَا حَالُ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ ابْنُ جريج أخبرت بأن قَوْلَهُ: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ قَالَ: إِذَا مَرَّ بِهِمُ الطَّيْرُ يَشْتَهُونَهُ قَالُوا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَذَلِكَ دَعْوَاهُمْ فَيَأْتِيهِمُ الْمَلَكُ بِمَا يَشْتَهُونَهُ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ قال فإذا أكلوا حمدوا الله فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: إِذَا أَرَادَ أَهْلُ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْعُوَا بِالطَّعَامِ قَالَ أَحَدُهُمْ سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ قَالَ فَيَقُومُ عَلَى أَحَدِهِمْ عَشَرَةُ آلَافِ خَادِمٍ مَعَ كُلِّ خَادِمٍ صَحْفَةٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا طَعَامٌ لَيْسَ فِي الْأُخْرَى قَالَ فَيَأْكُلُ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَدْعُوَ بِشَيْءٍ قَالَ سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا شَبَهٌ مِنْ قوله: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ [الأحزاب: 44] الآية.
وَقَوْلِهِ: لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً [الْوَاقِعَةِ: 25- 26] وَقَوْلِهِ:
سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس: 58] وَقَوْلِهِ: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ [الرعد: 23- 24] الآية، وَقَوْلُهُ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ هذا فيه دلالة على أنه تَعَالَى هُوَ الْمَحْمُودُ أَبَدًا، الْمَعْبُودُ عَلَى طُولِ الْمَدَى، وَلِهَذَا حَمِدَ نَفْسَهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ خَلْقِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ وَفِي ابْتِدَاءِ كِتَابِهِ وَعِنْدَ ابْتِدَاءِ تَنْزِيلِهِ حَيْثُ يَقُولُ تَعَالَى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ [الْكَهْفِ: [1]] الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [الْأَنْعَامِ: [1]] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي يَطُولُ بَسْطُهَا وَأَنَّهُ الْمَحْمُودُ في الأولى والآخرة في الحياة الدنيا وفي الآخرة وفي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ» [4] . وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِمَا يَرَوْنَ من تزايد نعم الله عليهم فتكرر وتعاد وتزداد فَلَيْسَ لَهَا انْقِضَاءٌ وَلَا أَمَدٌ فَلَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.

[1] انظر تفسير الطبري 6/ 534.
[2] يلازّه: يقارنه ويلازمه ويلصق به.
[3] انظر تفسير الطبري 6/ 534.
[4] أخرجه مسلم في الجنة حديث 18، 19، والدارمي في الرقاق باب 104، وأحمد في المسند 3/ 349، 354، 384.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست