responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 52
وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْرُ بِعُمُومِ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ فِي الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ الْقَاطِعِ عُذْرَ مَنِ انْتَهَى إِلَيْهِ وَبَلَغَهُ، وَلَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ آمِرًا بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ كَمَا فِي قِرَاءَةِ النَّصْبِ، وَكَمَا هُوَ الْوَاجِبُ في حمل قراءة الخفض عليه، تَوَهَّمَ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِرُخْصَةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلَكِنْ لَمْ يَصِحَّ إِسْنَادُهُ، ثُمَّ الثَّابِتُ عَنْهُ خِلَافُهُ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوهُ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ بعد نزول هذه الآية الكريمة.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [1] : حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا زياد بن عبد الله بن علاثة عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: أَنَا أَسْلَمْتُ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، وَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ بعد ما أَسْلَمْتُ، تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: بَالَ جَرِيرٌ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقِيلَ:
تَفْعَلُ هَذَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، قَالَ الْأَعْمَشُ:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، لَفْظُ مُسْلِمٍ [2] . وَقَدْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْرُوعِيَّةُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَوْلًا مِنْهُ وَفِعْلًا، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كتاب الأحكام الكبير مع ما يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِهِ هُنَاكَ مِنْ تَأْقِيتِ الْمَسْحِ أَوْ عَدَمِهِ، أَوِ التَّفْصِيلِ فِيهِ، كَمَا هُوَ مبسوط في موضعه.
وقد خالفت الروافض في ذلك بِلَا مُسْتَنَدٍ بَلْ بِجَهْلٍ وَضَلَالٍ، مَعَ أَنَّهُ ثَابِتٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَهُمْ يَسْتَبِيحُونَهَا، وَكَذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَالَّةٌ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ مَعَ مَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَفْقِ مَا دلت هذه الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، وَهُمْ مُخَالِفُونَ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَلَيْسَ لَهُمْ دَلِيلٌ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَهَكَذَا خَالَفُوا الْأَئِمَّةَ وَالسَّلَفَ فِي الْكَعْبَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْقَدَمَيْنِ فَعِنْدَهُمْ أَنَّهُمَا فِي ظَهْرِ الْقَدَمِ فَعِنْدَهُمْ فِي كُلِّ رِجْلٍ كَعْبٌ، وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْكَعْبَيْنِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ. قَالَ الرَّبِيعُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْكَعْبَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي الْوُضُوءِ هُمَا النَّاتِئَانِ، وَهُمَا مُجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ، هَذَا لفظه، فعند الأئمة رحمهم الله: في كل قدم كعبان، كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ النَّاسِ، وَكَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ حُمْرَانَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَالْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ [3] تَعْلِيقًا مَجْزُومًا بِهِ وَأَبُو دَاوُدَ [4] وَابْنُ خُزَيْمَةَ في صحيحه من رواية أبي

[1] مسند أحمد 1/ 363.
[2] صحيح مسلم (طهارة حديث 72) .
[3] صحيح البخاري (أذان باب 71) .
[4] سنن أبي داود (صلاة باب 93) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست