responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 482
وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت: 35] أي هذه الوصية وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الأعراف: 200] .
وَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ أَيْضًا وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فَهَذِهِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ فِي الْأَعْرَافِ والمؤمنون وحم السَّجْدَةِ لَا رَابِعَ لَهُنَّ، فَإِنَّهُ تَعَالَى، يُرْشِدُ فِيهِنَّ إِلَى مُعَامَلَةِ الْعَاصِي مِنَ الْإِنْسِ بِالْمَعْرُوفِ بالتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُفُّهُ عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنَ التَّمَرُّدِ بِإِذْنِهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا قَالَ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت: 34] ثُمَّ يُرْشِدُ تَعَالَى إِلَى الِاسْتِعَاذَةِ بِهِ مِنْ شَيْطَانِ الْجَانِّ، فَإِنَّهُ لَا يَكُفُّهُ عَنْكَ الْإِحْسَانُ وَإِنَّمَا يُرِيدُ هَلَاكَكَ وَدَمَارَكَ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّهُ عَدُوٌّ مبين لك ولأبيك من قبلك.
وقال ابْنُ جَرِيرٍ [1] فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ وَإِمَّا يُغْضِبَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ غضب يصدك عن الإعراض عن الجاهل ويحملك على مجازاته فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ يَقُولُ: فَاسْتَجِرْ بِاللَّهِ مِنْ نَزْغِهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ سَمِيعٌ لِجَهْلِ الْجَاهِلِ عَلَيْكَ وَالِاسْتِعَاذَةِ بِهِ مِنْ نَزْغِهِ وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ خَلْقِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ عَلِيمٌ بِمَا يُذْهِبُ عَنْكَ نَزْغَ الشَّيْطَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ خَلْقِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: لما نزلت خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ قال: يَا رَبِّ كَيْفَ بِالْغَضَبِ؟، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف: 200] قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الِاسْتِعَاذَةِ حَدِيثُ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَسَابَّا بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا حَتَّى جَعَلَ أَنْفُهُ يتمرغ غَضَبًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِّي لِأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: مَا بِي مِنْ جُنُونٍ [2] . وَأَصْلُ النَّزْغِ الْفَسَادُ إِمَّا بِالْغَضَبِ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ [الإسراء: 53] والعياذ الِالْتِجَاءُ وَالِاسْتِنَادُ وَالِاسْتِجَارَةُ مِنَ الشَّرِّ، وَأَمَّا الْمَلَاذُ فَفِي طَلَبِ الْخَيْرِ، كَمَا قَالَ أَبُو الطِّيبِ المتنبي في شعره: [البسيط]
يَا مَنْ أَلُوذُ بِهِ فِيمَا أُؤَمِّلُهُ ... وَمَنْ أَعُوذُ بِهِ مِمَّا أُحَاذِرُهُ «3»
لَا يَجْبُرُ النَّاسُ عَظْمًا أَنْتَ كَاسِرُهُ ... وَلَا يَهِيضُونَ عَظْمًا أَنْتَ جابره

[1] تفسير الطبري 6/ 155. [.....]
[2] أخرجه البخاري في الأدب باب 44، ومسلم في البر حديث 110، وأبو داودي الأدب باب 3، والترمذي في الدعوات باب 51، وأحمد في المسند 5/ 240، 244.
(3) البيتان في ديوان المتنبي 1/ 87، طبعة دار الكتب العلمية.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 482
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست