responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 309
لِلْوَثَنِ تَرَكُوهُ لِلْوَثَنِ، وَكَانُوا يُحَرِّمُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمُ الْبَحِيرَةَ وَالسَّائِبَةَ وَالْوَصِيلَةَ وَالْحَامَ فَيَجْعَلُونَهُ لِلْأَوْثَانِ، وَيَزْعُمُونَ أنهم يحرمونه قربة لله، فقال الله تَعَالَى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً الْآيَةَ [1] .
وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ في الآية: كل شيء يجعلونه لِلَّهِ مِنْ ذَبْحٍ يَذْبَحُونَهُ لَا يَأْكُلُونَهُ أَبَدًا حَتَّى يَذْكُرُوا مَعَهُ أَسْمَاءَ الْآلِهَةِ وَمَا كَانَ لِلْآلِهَةِ لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ مَعَهُ، وَقَرَأَ الْآيَةَ حَتَّى بَلَغَ ساءَ مَا يَحْكُمُونَ [2] .
أَيْ سَاءَ مَا يُقَسِّمُونَ، فَإِنَّهُمْ أَخْطَئُوا أَوَّلًا فِي القسم، لأن اللَّهَ تَعَالَى هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ وَخَالِقُهُ، وَلَهُ الْمُلْكُ وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ وَفِي تَصَرُّفِهِ وَتَحْتَ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، لَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ، ثُمَّ لَمَّا قَسَّمُوا فِيمَا زعموا القسمة الفاسدة لم يحفظوها بل جاروا فيها، كقوله جل وعلا:
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ [النَّحْلِ: 57] وَقَالَ تَعَالَى: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ [الزُّخْرُفِ: 15] وَقَالَ تعالى: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى [النجم: 21] وقوله تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى [النجم: 22] .

[سورة الأنعام (6) : آية 137]
وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (137)
يَقُولُ تعالى: وكما زينت الشياطين لهؤلاء أَنْ يَجْعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا، كَذَلِكَ زَيَّنُوا لَهُمْ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ خشية الإملاق ووأد البنات خشية العار، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ، شُرَكَاؤُهُمْ زَيَّنُوا لَهُمْ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ [3] ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: شُرَكَاؤُهُمْ شَيَاطِينُهُمْ يَأْمُرُونَهُمْ أَنْ يَئِدُوا أَوْلَادَهُمْ خَشْيَةَ الْعَيْلَةِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَمَرَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ أَنْ يقتلوا البنات إما لِيُرْدُوهُمْ فَيُهْلِكُوهُمْ، وَإِمَّا لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ، أَيْ فيخلطوا عليهم دينهم ونحو ذلك [4] .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وقتادة: وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ [النحل: 58- 59] الآية، وكقوله وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التَّكْوِيرِ: 8- 9] وَقَدْ كَانُوا أَيْضًا يَقْتُلُونَ الْأَوْلَادَ مِنَ الْإِمْلَاقِ وَهُوَ الْفَقْرُ أَوْ خَشْيَةَ الْإِمْلَاقِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُمْ فِي تلف المال وقد نهاهم عن قتل

[1] تفسير الطبري 5/ 350.
[2] تفسير الطبري 5/ 351.
[3] تفسير الطبري 5/ 352.
[4] الأثران عن مجاهد والسدي في تفسير الطبري 5/ 352- 353.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست