responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 222
[سورة الأنعام (6) : الآيات 27 الى 30]
وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدا لَهُمْ مَا كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (28) وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)
يَذْكُرُ تَعَالَى حَالَ الْكُفَّارِ، إِذَا وَقَفُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى النَّارِ، وَشَاهَدُوا مَا فِيهَا مِنَ السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ، وَرَأَوْا بِأَعْيُنِهِمْ تِلْكَ الْأُمُورَ الْعِظَامَ وَالْأَهْوَالَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ، قَالُوا يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى الدَّارِ الدُّنْيَا، لِيَعْمَلُوا عَمَلًا صَالِحًا، وَلَا يُكَذِّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ، وَيَكُونُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
قال الله تَعَالَى: بَلْ بَدا لَهُمْ مَا كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ أَيْ بَلْ ظَهَرَ لَهُمْ حِينَئِذٍ مَا كَانُوا يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ وَالْمُعَانَدَةِ، وَإِنْ أَنْكَرُوهَا فِي الدُّنْيَا أَوْ في الآخرة، كما قال قبله بِيَسِيرٍ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ ظَهَرَ لَهُمْ مَا كَانُوا يَعْلَمُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، مِنْ صدق ما جاءتهم بِهِ الرُّسُلُ فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانُوا يُظْهِرُونَ لأتباعهم خلافه، كقوله مُخْبِرًا عَنْ مُوسَى، أَنَّهُ قَالَ لِفِرْعَوْنَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ [الإسراء: 102] الآية، وقوله تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا [النَّمْلِ: 14] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ، الَّذِينَ كَانُوا يُظْهِرُونَ الإيمان للناس وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ، وَيَكُونُ هَذَا إِخْبَارًا عَمَّا يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنْ كَلَامِ طَائِفَةٍ مِنَ الْكُفَّارِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا كَوْنُ هَذِهِ السُّورَةِ مَكِّيَّةً، وَالنِّفَاقُ إِنَّمَا كَانَ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهَا مِنَ الْأَعْرَابِ، فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ وُقُوعَ النِّفَاقِ فِي سُورَةٍ مَكِّيَّةٍ، وَهِيَ الْعَنْكَبُوتُ، فَقَالَ وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ [الْعَنْكَبُوتِ: 11] وعلى هذا فيكون إخبارا عن قول الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، حِينَ يُعَايِنُونَ الْعَذَابَ، فظهر لَهُمْ حِينَئِذٍ غِبُّ مَا كَانُوا يُبْطِنُونَ مِنَ الكفر والنفاق والشقاق، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَعْنَى الْإِضْرَابِ، فِي قَوْلِهِ بَلْ بَدا لَهُمْ مَا كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ فإنهم مَا طَلَبُوا الْعَوْدَ إِلَى الدُّنْيَا رَغْبَةً وَمَحَبَّةً فِي الْإِيمَانِ، بَلْ خَوْفًا مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي عاينوه، جزاء على مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ، فَسَأَلُوا الرَّجْعَةَ إِلَى الدُّنْيَا، لِيَتَخَلَّصُوا مِمَّا شَاهَدُوا مِنَ النَّارِ، وَلِهَذَا قَالَ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أي في طلبهم الرَّجْعَةَ، رَغْبَةً وَمَحَبَّةً فِي الْإِيمَانِ.
ثُمَّ قَالَ مُخْبِرًا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ لَوْ رُدُّوا إِلَى الدَّارِ الدُّنْيَا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ، مِنَ الْكُفْرِ وَالْمُخَالَفَةِ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أَيْ فِي قَوْلِهِمْ: يَا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا، وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ، أَيْ لَعَادُوا لِمَا نهوا عنه، ولقالوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا أَيْ مَا هِيَ إِلَّا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ثُمَّ لَا مَعَادَ بَعْدَهَا، وَلِهَذَا قَالَ وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ أَيْ أُوقِفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ أَيْ أَلَيْسَ هَذَا الْمَعَادُ بِحَقٍّ، وَلَيْسَ بِبَاطِلٍ كَمَا كُنْتُمْ تَظُنُّونَ، قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست