responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 128
هاهنا المشركون، وكذلك وقع في قراءة ابن مسعود فيما رواه ابن جرير «لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الذين أشركوا» » .
وَقَوْلُهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أَيِ اتَّقُوا اللَّهَ أَنْ تَتَّخِذُوا هَؤُلَاءِ الْأَعْدَاءَ لَكُمْ وَلِدِينِكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِشَرْعِ اللَّهِ الَّذِي اتَّخَذَهُ هَؤُلَاءِ هُزُوًا وَلَعِبًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ [آل عمران: 28] .
وقوله: وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً أَيْ وَكَذَلِكَ إِذَا أَذَّنْتُمْ دَاعِينَ إِلَى الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِمَنْ يَعْقِلُ وَيَعْلَمُ مِنْ ذَوِي الْأَلْبَابِ اتَّخَذُوها أَيْضًا هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ مَعَانِيَ عِبَادَةِ اللَّهِ وَشَرَائِعِهِ، وَهَذِهِ صِفَاتُ أَتْبَاعِ الشَّيْطَانِ الَّذِي «إِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ أَدْبَرَ وَلَهُ حُصَاصٌ، أَيْ ضُرَاطٌ، حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا قُضِيَ التأذين، أقبل فإذا ثوب للصلاة أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرجل لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ» [2] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ الزهري: قد ذكر الله التَّأْذِينَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ النَّصَارَى بِالْمَدِينَةِ إِذَا سَمِعَ الْمُنَادِي يُنَادِي: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: حُرِّقَ الْكَاذِبُ، فَدَخَلَتْ خَادِمَةٌ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي بِنَارٍ وَهُوَ نَائِمٌ، وَأَهْلُهُ نِيَامٌ، فَسَقَطَتْ شَرَارَةٌ فَأَحْرَقَتِ الْبَيْتَ، فَاحْتَرَقَ هُوَ وَأَهْلُهُ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ [3] وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي السِّيرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ عَامَ الْفَتْحِ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَعَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ جُلُوسٌ بِفَنَاءِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ عَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ، لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ أُسَيْدًا أن لا يَكُونَ سَمِعَ هَذَا فَيَسْمَعُ مِنْهُ مَا يَغِيظُهُ، وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أعلم أنه محق لا تبعته، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَا أَقُولُ شَيْئًا لَوْ تَكَلَّمْتُ لَأَخْبَرَتْ عَنِّي هَذِهِ الْحَصَى، فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «قَدْ عَلِمْتُ الَّذِي قُلْتُمْ» ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَقَالَ الْحَارِثُ وَعَتَّابٌ: نَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا اطَّلَعَ عَلَى هَذَا أَحَدٌ كَانَ مَعَنَا فنقول:
أخبرك [4] .

(1) تفسير الطبري 4/ 630.
[2] رواه مسلم وأبو داود من حديث أبي هريرة: صحيح مسلم (صلاة حديث 20) وسنن أبي داود (صلاة باب 31) . وفيهما «إن يدري كم صلى» . إن هنا بمعنى ما.
[3] تفسير الطبري 4/ 631.
[4] سيرة ابن هشام 2/ 413.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست