responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 348
وَقَوْلُهُ: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ أَيْ تُخَفِّفُوا فِيهَا إِمَّا مِنْ كَمِّيَّتِهَا بِأَنْ تُجْعَلَ الرُّبَاعِيَّةُ ثُنَائِيَّةً كَمَا فَهِمَهُ الْجُمْهُورُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ، فَمِنْ قَائِلٍ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَفَرَ طَاعَةٍ مِنْ جِهَادٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ، أَوْ زِيَارَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا هُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءٍ ويحيى عَنْ مَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ نَحْوُهُ، لِظَاهِرِ قوله: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَمِنْ قَائِلٍ: لَا يُشْتَرَطُ سَفَرُ الْقُرْبَةِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا، لِقَوْلِهِ: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ [المائدة: 3] ، كما أباح له تناول الميتة مع الاضطرار بشرط أن لا يَكُونَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وكيع، عن الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ تَاجِرٌ أَخْتَلِفُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَمِنْ قَائِلٍ: يَكْفِي مُطْلَقُ السَّفَرِ سَوَاءٌ كَانَ مُبَاحًا أَوْ مَحْظُورًا حَتَّى لَوْ خَرَجَ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ وَإِخَافَةِ السَّبِيلِ تَرَخَّصَ لِوُجُودِ مُطْلَقِ السفر، وهذا قول أبي حنيفة وَالثَّوْرِيِّ وَدَاوُدَ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَخَالَفَهُمُ الْجُمْهُورُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَدْ يَكُونُ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ حَالَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّ فِي مَبْدَأِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ كَانَ غَالِبُ أَسْفَارِهِمْ مَخُوفَةً، بَلْ مَا كَانُوا يَنْهَضُونَ إِلَّا إِلَى غَزْوٍ عام، أو في سرية خاصة. وسائر الأحيان حرب للإسلام وَأَهْلِهِ، وَالْمَنْطُوقُ إِذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ أَوْ على حادثة فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً [النُّورِ: 33] ، وكقوله تعالى: وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ [النِّسَاءِ: 23] ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [1] : حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قلت له: قَوْلِهِ: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقَدْ أَمَّنَ اللَّهُ النَّاسَ؟ فَقَالَ لِي عُمَرُ رضي الله عنه: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصْدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» . وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، وَلَا يُحْفَظُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَرِجَالُهُ مَعْرُوفُونَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي حَنْظَلَةَ الْحَذَّاءِ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ السفر، فقال: ركعتان، فقلت: أين قوله: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا

[1] مسند أحمد 1/ 25- 26.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست