responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 317
نَامَتْ أَعْيُنُ الْجُبَنَاءِ.
وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ أَيْ حَصِينَةٍ مَنِيعَةٍ عَالِيَةٍ رَفِيعَةٍ، وقيل، هي بروج في السماء قال السُّدِّيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا الْمَنِيعَةُ، أَيْ لَا يُغْنِي حَذَرٌ وَتَحَصُّنٌ مِنَ الْمَوْتِ، كَمَا قال زهير بن أبي سلمى: [الطويل]
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ... وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
ثُمَّ قِيلَ: الْمُشَيَّدَةُ هِيَ الْمَشِيدَةُ كَمَا قَالَ: وَقَصْرٍ مَشِيدٍ وَقِيلَ: بَلْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمُشَيَّدَةَ بِالتَّشْدِيدِ هِيَ الْمُطَوَّلَةُ، وَبِالتَّخْفِيفِ هِيَ الْمُزَيَّنَةُ بِالشَّيْدِ وَهُوَ الْجَصُّ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ [1] وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ- هَاهُنَا- حِكَايَةً مُطَوَّلَةً عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ امْرَأَةً فِيمَنْ كَانَ قَبْلَنَا أَخْذَهَا الطَّلْقُ، فَأَمَرَتْ أَجِيرَهَا أَنْ يَأْتِيَهَا بِنَارٍ، فَخَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ وَاقِفٍ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ:
مَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ: جَارِيَةً، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهَا سَتَزْنِي بِمِائَةِ رَجُلٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا أَجِيرُهَا وَيَكُونُ مَوْتُهَا بِالْعَنْكَبُوتِ. قَالَ: فَكَرَّ رَاجِعًا، فبعج بطن الجارية بسكين فَشَقَّهُ ثُمَّ ذَهَبَ هَارِبًا، وَظَنَّ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ، فَخَاطَتْ أُمُّهَا بَطْنَهَا فَبَرِئَتْ وَشَبَّتْ وَتَرَعْرَعَتْ وَنَشَأَتْ أَحْسَنَ امْرَأَةٍ بِبَلْدَتِهَا، فَذَهَبَ ذَاكَ الْأَجِيرُ مَا ذَهَبَ وَدَخَلَ الْبُحُورَ فَاقْتَنَى أَمْوَالًا جَزِيلَةً، ثم رجع إلى بلده وأراد التزوج، فَقَالَ لِعَجُوزٍ: أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ بِأَحْسَنِ امْرَأَةٍ بهذه البلدة، فقالت ليس هاهنا أَحْسَنَ مِنْ فُلَانَةٍ، فَقَالَ: اخْطُبِيهَا عَلَيَّ، فَذَهَبَتْ إِلَيْهَا فَأَجَابَتْ، فَدَخَلَ بِهَا فَأَعْجَبَتْهُ إِعْجَابًا شَدِيدًا، فَسَأَلَتْهُ عَنْ أَمْرِهِ وَمِنْ أَيْنَ مَقْدِمُهُ، فَأَخْبَرَهَا خبره وما كان من أمره في الجارية، فَقَالَتْ: أَنَا هِيَ وَأَرَتْهُ مَكَانَ السِّكِّينِ، فَتَحَقَّقَ ذلك، فقال: لئن كنت إياها فلقد أخبرني بِاثْنَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا إِحْدَاهُمَا أَنَّكِ قَدْ زَنَيْتِ بِمِائَةِ رَجُلٍ، فَقَالَتْ: لَقَدْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا أَدْرِي مَا عَدَدُهُمْ فقال: هم مائة: والثاني أَنَّكِ تَمُوتِينَ بِالْعَنْكَبُوتِ فَاتَّخَذَ لَهَا قَصْرًا مَنِيعًا شاهقا ليحرزها من ذلك، فبينما هم يوما فإذا بالعنكبوت في السقف فأراها، فقالت: أهذه هي الَّتِي تَحْذَرُهَا عَلَيَّ، وَاللَّهِ لَا يَقْتُلُهَا إِلَّا أَنَا، فَأَنْزَلُوهَا مِنَ السَّقْفِ، فَعَمَدَتْ إِلَيْهَا فَوَطِئَتْهَا بِإِبْهَامِ رِجْلِهَا فَقَتَلَتْهَا، فَطَارَ مِنْ سُمِّهَا شَيْءٌ فوقع بين ظفرها ولحمها واسودت رجلها، فكان في ذلك أجلها، فماتت.
وَنَذْكُرُ هَاهُنَا قِصَّةَ صَاحِبِ الْحَضْرِ وَهُوَ السَّاطِرُونَ [2] لَمَّا احْتَالَ عَلَيْهِ سَابُورُ حَتَّى حَصَرَهُ فِيهِ وَقَتَلَ مَنْ فِيهِ بَعْدَ مُحَاصَرَةِ سَنَتَيْنِ، وَقَالَتِ العرب [3] في ذلك أشعارا منها: [الخفيف]
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة ... تجبى إليه والخابور

[1] تفسير الطبري 4/ 175.
[2] الساطرون معناه بالسريانية: الملك. وقال ابن هشام (سيرة 1/ 71) : النعمان بن المنذر من ولد ساطرون ملك الحضر. والحضر: حصن عظيم كالمدينة على شاطئ الفرات.
[3] الشعر لعدي بن زيد كما ذكر ابن هشام في السيرة النبوية.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست