responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 282
عَمَّارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي التَّيَمُّمِ «ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ» [1] .
[طَرِيقٌ أُخْرَى] قَالَ أَحْمَدُ [2] : حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عبد الواحد، عن سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى، فَقَالَ أَبُو مُوسَى لِعَبْدِ اللَّهِ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ لَمْ يُصَلِّ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لا، فقال أبو موسى: أما تذكر إذا قال عمار لعمر: أَلَا تَذْكُرُ إِذْ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيَّاكَ فِي إِبِلٍ، فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَتَمَرَّغْتُ فِي التُّرَابِ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ هَكَذَا، وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ مَسَحَ كَفَّيْهِ جَمِيعًا، وَمَسَحَ وَجْهَهُ مَسْحَةً وَاحِدَةً بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ» ؟
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا جَرَمَ، مَا رَأَيْتُ عُمَرَ قَنِعَ بِذَاكَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: فَكَيْفَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً؟ قَالَ: فَمَا دَرَى عَبْدُ اللَّهِ مَا يَقُولُ، وَقَالَ:
لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي التَّيَمُّمِ لَأَوْشَكَ أَحَدُهُمْ إِذَا بَرَدَ الْمَاءُ عَلَى جِلْدِهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ.
وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [النساء: 43] استدل بذلك الشافعي، عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّيَمُّمِ، أَنْ يَكُونَ بِتُرَابٍ طَاهِرٍ، لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ بِالْوَجْهِ واليدين منه شيء، كما روى الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ ابْنِ الصِّمَّةِ: أَنَّهُ مَرَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، حَتَّى قَامَ إِلَى جِدَارٍ فَحَتَّهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعَهُ، فضرب بيده عليه، ثم مسح وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ [المائدة: 6] أَيْ فِي الدِّينِ الَّذِي شَرَعَهُ لَكُمْ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ [المائدة: 6] فَلِهَذَا أَبَاحَ لَكُمْ، إِذَا لَمْ تَجِدُوا الْمَاءَ، أَنْ تَعْدِلُوا إِلَى التَّيَمُّمِ بِالصَّعِيدِ، وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة: 6] ولهذا كانت هذه الأمة مخصوصة بمشروعية التَّيَمُّمِ، دُونَ سَائِرِ الْأُمَمِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي، نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ» وَفِي لَفْظٍ «فَعِنْدَهُ طَهُورُهُ وَمَسْجِدُهُ، وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً» [3] وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ «فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ، جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ» .
وَقَالَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً أي ومن عفوه عنكم وغفرانه لَكُمْ أَنْ شَرَعَ التَّيَمُّمَ، وَأَبَاحَ لَكُمْ فِعْلَ الصلاة به إذا فقدتم

[1] مسند أحمد 4/ 263.
[2] مسند أحمد 4/ 265.
[3] صحيح البخاري (تيمم باب 1 وصلاة باب 56) وصحيح مسلم (مساجد حديث 4 و 5) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست