responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 128
وَآخُذُهُ. قَالَ: وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى الْمُنَافِقُونَ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ أَجْبَنُ قَوْمٍ وَأَرْعَنُهُ وَأَخْذَلُهُ لِلْحَقِّ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ أي إنما هم كَذَبَةٌ أَهْلُ شَكٍّ وَرَيْبٍ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هَكَذَا رَوَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَكَأَنَّهَا مِنْ كَلَامِ قَتَادَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ:
ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ يَعْنِي أَهْلَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ وَالثَّبَاتِ والتوكل الصادق وهم الجازمون بأن الله عز وجل سَيَنْصُرُ رَسُولَهُ وَيُنْجِزُ لَهُ مَأْمُولَهُ، وَلِهَذَا قَالَ:
وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَعْنِي لَا يَغْشَاهُمُ النُّعَاسُ مِنَ الْقَلَقِ وَالْجَزَعِ وَالْخَوْفِ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً [الفتح: 12] إلى آخر الآية.
وَهَكَذَا هَؤُلَاءِ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا ظَهَرُوا تِلْكَ السَّاعَةِ أَنَّهَا الْفَيْصَلَةُ وَأَنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ باد وأهله، وهذا شَأْنُ أَهْلِ الرَّيْبِ وَالشَّكِّ إِذَا حَصَلَ أَمْرٌ مِنَ الْأُمُورِ الْفَظِيعَةِ تَحْصُلُ لَهُمْ هَذِهِ الظُّنُونُ الشَّنِيعَةُ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي تِلْكَ الْحَالِ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ فقال تَعَالَى: قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ ثُمَّ فَسَّرَ مَا أَخْفَوْهُ فِي أَنْفُسِهِمْ بِقَوْلِهِ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنا هاهُنا أَيْ يُسِرُّونَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال ابن إسحاق: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اشْتَدَّ الْخَوْفُ عَلَيْنَا أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْنَا النَّوْمَ فَمَا مِنَّا مِنْ رَجُلٍ إِلَّا ذَقْنُهُ في صدره، قال: فو الله إِنِّي لِأَسْمَعُ قَوْلَ مُعْتَبِ بْنِ قُشَيْرٍ مَا أَسْمَعُهُ إِلَّا كَالْحُلْمِ يَقُولُ: لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا فَحَفِظْتُهَا منه وفي ذلك أنزل الله يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنا هاهُنا لِقَوْلِ مُعْتَبٍ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ أي هذا قدر قدره الله عز وجل وحكم حتم لا محيد عنه ولا مناص منه، وقوله تعالى: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ أَيْ يَخْتَبِرَكُمْ بِمَا جَرَى عَلَيْكُمْ ليميز الخبيث من الطيب ويظهر أمر المؤمن من المنافق لِلنَّاسِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أَيْ بِمَا يَخْتَلِجُ فِي الصُّدُورِ مِنَ السرائر والضمائر، ثم قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا أَيْ ببعض ذنوبهم السابقة كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ مِنْ ثَوَابِ الْحَسَنَةِ الْحَسَنَةَ بَعْدَهَا وَإِنَّ مِنْ جَزَاءِ السَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ بَعْدَهَا، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ أَيْ عَمَّا كَانَ مِنْهُمْ مَنَ الْفِرَارِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ أَيْ يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَحْلُمُ عَنْ خَلْقِهِ وَيَتَجَاوَزُ عَنْهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي شَأْنِ عُثْمَانَ وَتَوَلِّيهِ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ عَفَا عنه مع من عَفَا عَنْهُمْ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَمُنَاسِبٌ ذِكْرُهُ هَاهُنَا.

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست