responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 463
عاما» .
ثُمَّ قَدْ قَالَ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْخَلَفِ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشِّقَاقُ وَالنُّشُوزُ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ حِينَئِذٍ قَبُولُ الْفِدْيَةِ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ قَالُوا: فَلَمْ يَشْرَعِ الْخُلْعَ إِلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا إلا بدليل، والأصل عدمه، ممن ذَهَبَ إِلَى هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَالْجُمْهُورُ حَتَّى قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَوْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا وَهُوَ مَضَارٌّ لَهَا، وَجَبَ رَدُّهُ إِلَيْهَا، وَكَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الخلع في حال الشِّقَاقِ وَعِنْدَ الِاتِّفَاقِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، وَهَذَا قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِهِ قَاطِبَةً، وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الِاسْتِذْكَارُ به عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْخُلْعَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً [النِّسَاءِ: 20] وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَمَأْخَذٌ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَامْرَأَتِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بن سَلُولَ، وَلْنَذْكُرْ طُرُقَ حَدِيثِهَا وَاخْتِلَافَ أَلْفَاظِهِ.
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ [1] ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سعيد بْنِ زَرَارَةَ: أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّةِ، أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ، فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِي الْغَلَسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ: أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ. فقال «ما شأنك» ؟ قالت: لَا أَنَا وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، لِزَوْجِهَا، فَلَمَّا جَاءَ زَوْجُهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ قَدْ ذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ» فَقَالَتْ حَبِيبَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خُذْ مِنْهَا» فَأَخَذَ مِنْهَا وَجَلَسَتْ فِي أَهْلِهَا. وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ [2] عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مالك.
حَدِيثٌ آخَرُ- عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ جَرِيرٍ [3] : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أبو عامر، حدثنا عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بن شماس فضربها فانكسر بعضها، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الصُّبْحِ فَاشْتَكَتْهُ إِلَيْهِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَابِتًا، فَقَالَ «خُذْ بعض مالها وفارقها» قال: ويصلح

[1] الموطأ (طلاق حديث 31) .
[2] سنن أبي داود (طلاق باب 17) .
[3] تفسير الطبري 2/ 475.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 463
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست