responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 329
أَمْرٌ أَحْدَثَ لَهُمْ شَكًّا كَمَا يَحْصُلُ لِلَّذِينِ آمَنُوا إِيقَانٌ وَتَصْدِيقٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً؟ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ [التَّوْبَةِ: 124- 125] ، وَقَالَ تَعَالَى:
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً [الْإِسْرَاءِ: 82] وَلِهَذَا كَانَ مَنْ ثَبَتَ عَلَى تَصْدِيقِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّبَاعِهِ فِي ذَلِكَ وَتَوَجَّهَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا رَيْبٍ مِنْ سَادَاتِ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ من المهاجرين والأنصار هم الذين صلوا إلى الْقِبْلَتَيْنِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ [1] فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَا النَّاسُ يُصَلُونَ الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ [2] فَقَالَ: قَدْ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، فَتَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَعِنْدَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا رُكُوعًا فَاسْتَدَارُوا كَمَا هُمْ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُمْ رُكُوعٌ، وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ، وَهَذَا يدل على كمال طاعتهم لله ولرسوله وَانْقِيَادِهِمْ لِأَوَامِرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
وَقَوْلُهُ: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ أَيْ صَلَاتُكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ ذلك ما كان يَضِيعُ ثَوَابُهَا عِنْدَ اللَّهِ، وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: مَاتَ قَوْمٌ كَانُوا يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ النَّاسُ: مَا حَالُهُمْ فِي ذَلِكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَصَحَّحَهُ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ أَيْ بِالْقِبْلَةِ الْأُولَى وَتَصْدِيقَكُمْ نَبِيَّكُمْ وَاتِّبَاعَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ الْأُخْرَى، أَيْ لِيُعْطِيُكُمْ أَجْرَهُمَا جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ أَيْ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْصِرَافَكُمْ مَعَهُ حيث انصرف. إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.
وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً مِنَ السَّبْيِ قَدْ فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا فَجَعَلَتْ كُلَّمَا وَجَدَتْ صَبِيًّا مِنَ السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِصَدْرِهَا وهي تدور على ولدها، فما وَجَدَتْهُ ضَمَّتْهُ إِلَيْهَا وَأَلْقَمَتْهُ ثَدْيَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أن لا تَطْرَحَهُ» ؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «فو الله لله أرحم بعباده من هذه

[1] صحيح البخاري (تفسير سورة البقرة باب 7) .
[2] في الصحيح: «إذ جاء جاء» .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 329
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست