responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 313
وَفِي آخِرِ وِلَايَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، لَمَّا حَاصَرُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَحِينَئِذٍ نَقَضَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى الْأَرْضِ وَبَنَاهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَدْخَلَ فِيهَا الْحِجْرَ، وَجَعَلَ لَهَا بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا مُلْصَقَيْنِ بِالْأَرْضِ كَمَا سَمِعَ ذلك من خالته عائشة أم المؤمنين عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ مُدَّةَ إِمَارَتِهِ حَتَّى قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ، فَرَدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لَهُ بِذَلِكَ، كَمَا قال مسلم بن الحجاج في صحيحه:
أخبرنا هناد بن السري، أخبرنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ:
لَمَّا احْتَرَقَ الْبَيْتُ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حِينَ غَزَاهَا أَهْلُ الشَّامِ، فكان مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، تَرَكَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ حتى قدم الناس الموسم، يريد أن يحزبهم أو يجرئهم عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَشِيرُوا عَلِيَّ فِي الْكَعْبَةِ أَنْقُضُهَا ثُمَّ أَبْنِي بِنَاءَهَا، أَوْ أُصْلِحُ مَا وَهَى مِنْهَا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنِّي قَدْ فَرِقَ [1] لِي رَأْيٌ فِيهَا، أَرَى أَنْ تُصْلِحَ مَا وَهَى مِنْهَا، وَتَدَعَ بَيْتًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَأَحْجَارًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا، وَبُعِثَ عَلَيْهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَوْ كَانَ أَحَدُهُمُ احْتَرَقَ بَيْتُهُ مَا رَضِيَ حَتَّى يُجَدِّدَهُ، فَكَيْفَ بَيْتُ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ؟ إِنِّي مُسْتَخِيرٌ رَبِّي ثَلَاثًا، ثُمَّ عَازِمٌ عَلَى أَمْرِي، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثٌ، أَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا فَتَحَامَاهَا النَّاسُ أَنْ يَنْزِلَ بِأَوَّلِ النَّاسِ يَصْعَدُ فِيهِ أَمْرٌ مِنَ السَّمَاءِ، حَتَّى صَعِدَهُ رَجُلٌ فَأَلْقَى مِنْهُ حِجَارَةً، فَلَمَّا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ أَصَابَهُ شَيْءٌ تَتَابَعُوا فَنَقَضُوهُ حَتَّى بَلَغُوا بِهِ الْأَرْضَ، فَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً يَسْتُرُ عَلَيْهَا السُّتُورَ حَتَّى ارْتَفَعَ بِنَاؤُهُ، وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنِّي سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَوْلَا أَنَّ النَّاسَ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ، وَلَيْسَ عِنْدِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يُقَوِّينِي عَلَى بِنَائِهِ لَكُنْتُ أَدْخَلْتُ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ، وَلَجَعَلْتُ لَهُ بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ» قَالَ: فَأَنَا أَجِدُ مَا أُنْفِقُ، وَلَسْتُ أَخَافُ النَّاسَ، قَالَ: فَزَادَ فِيهِ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ حَتَّى أَبْدَى له أسا، فنظر النَّاسُ إِلَيْهِ، فَبَنَى عَلَيْهِ الْبِنَاءَ، وَكَانَ طُولُ الْكَعْبَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَلَمَّا زَادَ فِيهِ استقصره فزاد في أوله عَشَرَةَ أَذْرُعٍ وَجَعَلَ لَهُ بَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُدْخَلُ مِنْهُ، وَالْآخَرُ يُخْرَجُ مِنْهُ. فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزبير، كتب الحجاج إلى عبد الملك يستجيزه بِذَلِكَ وَيُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ وَضَعَ الْبِنَاءَ عَلَى أُسٍّ نَظَرَ إِلَيْهِ الْعُدُولُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّا لَسْنَا مِنْ تَلْطِيخِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي شَيْءٍ، أَمَّا مَا زَادَهُ فِي طُولِهِ فَأَقِرَّهُ، وَأَمَّا مَا زَادَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ فَرُدَّهُ إِلَى بِنَائِهِ، وَسُدَّ الْبَابَ الذِي فَتَحَهُ، فَنَقَضَهُ وَأَعَادَهُ إِلَى بِنَائِهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ هَنَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ بِالْمَرْفُوعِ مِنْهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقِصَّةَ وَقَدْ كَانَتِ السُّنَّةُ إِقْرَارَ مَا فَعَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، لِأَنَّهُ هُوَ الذِي وَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ خَشِيَ أَنْ تُنْكِرَهُ قُلُوبُ بَعْضِ النَّاسِ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِمْ بِالْإِسْلَامِ وَقُرْبِ عَهْدِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ، وَلَكِنْ خَفِيَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ على عبد الملك بن مروان، وَلِهَذَا لَمَّا تَحَقَّقَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا روت ذلك عن

[1] في الأصل «خرق» . والمثبت عن صحيح مسلم. والمراد: قد ظهر لي أمر ورأي فيها.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست