responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 223
الْمَوْتَ، فَإِنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ وُجُودِ الصَّلَاحِ وَتَمَنِّي الْمَوْتِ، وَكَمْ مِنْ صَالِحٍ لَا يَتَمَنَّى الْمَوْتَ، بَلْ يَوَدُّ أَنْ يُعَمَّرَ لِيَزْدَادَ خَيْرًا وَتَرْتَفِعَ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «خَيْرُكُمْ مَنْ طَالَ عَمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ» وَلَهُمْ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولُوا عَلَى هَذَا: فَهَا أَنْتُمْ تَعْتَقِدُونَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّكُمْ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ وَأَنْتُمْ لَا تَتَمَنَّوْنَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ الموت، فكيف تلزموننا بما لا يلزمكم؟ وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا نَشَأَ مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ قِيلَ لَهُمْ كَلَامٌ نَصَفٌ إِنْ كُنْتُمْ تَعْتَقِدُونَ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مَنْ دُونِ النَّاسِ، وَأَنَّكُمْ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَأَنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ عَدَاكُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَبَاهِلُوا عَلَى ذَلِكَ وَادْعُوا عَلَى الْكَاذِبِينَ مِنْكُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمُبَاهَلَةَ تَسْتَأْصِلُ الْكَاذِبَ لَا مَحَالَةَ، فَلَمَّا تَيَقَّنُوا ذَلِكَ وَعَرَفُوا صِدْقَهُ، نَكَلُوا عَنِ الْمُبَاهَلَةِ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَذِبِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ وَكِتْمَانِهِمُ الْحَقَّ مِنْ صِفَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَعْتِهِ، وَهُمْ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَيَتَحَقَّقُونَهُ، فَعَلِمَ كُلُّ أَحَدٍ بَاطِلَهُمْ وَخِزْيَهُمْ وَضَلَالَهُمْ وَعِنَادَهُمْ، عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْمُبَاهَلَةُ تَمَنِّيًا، لِأَنَّ كُلَّ مُحِقٍّ يَوَدُّ لَوْ أَهْلَكَ اللَّهُ الْمُبْطِلَ الْمُنَاظِرَ لَهُ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ في ذلك حجة له في بَيَانُ حَقِّهِ وَظُهُورُهُ، وَكَانَتِ الْمُبَاهَلَةُ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ الْحَيَاةَ عِنْدَهُمْ عَزِيزَةٌ عَظِيمَةٌ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ سُوءِ مَآلِهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ، وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ أي على طول العمر لما يعلمون من مآلهم السيء، وَعَاقَبَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ الْخَاسِرَةِ، لِأَنَّ الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ، فَهُمْ يَوَدُّونَ لَوْ تَأَخَّرُوا عَنْ مَقَامِ الْآخِرَةِ بِكُلِّ مَا أَمْكَنَهُمْ. وَمَا يحاذرون منه وَاقِعٌ بِهِمْ لَا مَحَالَةَ حَتَّى وَهُمْ أَحْرَصُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ، وَهَذَا مِنْ بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا؟ قال:
الأعاجم، وَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. قَالَ: وَقَدِ اتَّفَقَا عَلَى سَنَدِ تَفْسِيرِ الصَّحَابِيِّ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حياة. قال: المنافق أحرص الناس، وأحرص من المشرك على حياة، يود أحدهم أي يود أَحَدُ الْيَهُودِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَظْمُ السِّيَاقِ، وقال أبو العالية: يود أحدهم، أي أحد الْمَجُوسُ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ. قَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عباس: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ: هو كقول الفارسي «ده هزار سال» يَقُولُ: عَشَرَةُ آلَافِ سَنَةٍ [1] . وَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَفْسِهِ أَيْضًا، وَقَالَ ابْنُ

[1] في الدرّ المنثور (1/ 173) والطبري (1/ 474) : «هو قول الأعاجم إذا عطس أحدهم: زه هزار سال، يعني ألفا سنة» .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست