responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 88
لَيْسَ لَكُمْ فِي ذَلِكَ أُسْوَةٌ، أَيْ: فِي الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلٌ، وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ، حِينَ فَارَقُوا قَوْمَهُمْ وَتَبَرَّءُوا مِنْهُمْ، فَلَجَئُوا إِلَى اللَّهِ وَتَضَرَّعُوا [1] إِلَيْهِ فَقَالُوا: {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} أَيْ: تَوَكَّلْنَا عَلَيْكَ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، وسَلَّمنا أمورَنا إِلَيْكَ، وَفَوَّضْنَاهَا إِلَيْكَ {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} أَيِ: الْمَعَادُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ.
{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} قَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ: لَا تُعَذِّبْنَا بِأَيْدِيهِمْ، وَلَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِكَ، فَيَقُولُوا: لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ عَلَى حَقٍّ مَا أَصَابَهُمْ هَذَا. وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ لَا تُظْهِرهم عَلَيْنَا فَيَفْتَتِنُوا بِذَلِكَ، يَرَوْنَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا ظَهَرُوا عَلَيْنَا لِحَقٍّ هُمْ عَلَيْهِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ [2] .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تُسَلِّطْهُمْ عَلَيْنَا فَيَفْتِنُونَا.
وَقَوْلُهُ: {وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أَيْ: وَاسْتُرْ ذُنُوبَنَا عَنْ غَيْرِكَ، وَاعْفُ عَنْهَا فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أَيِ: الَّذِي لَا يُضَام مَنْ لَاذَ بِجَنَاحِكَ [3] {الْحَكِيم} فِي أَقْوَالِكَ وَأَفْعَالِكَ وَشَرْعِكَ وَقَدَرِكَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} وَهَذَا تَأْكِيدٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَمُسْتَثْنًى مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا لِأَنَّ هذه الأسوة المثبتة [4] هاهنا هِيَ الْأُولَى بِعَيْنِهَا.
وَقَوْلُهُ: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} تَهْيِيجٌ إِلَى ذَلِكَ كُلَّ مُقِرٍّ [5] بِاللَّهِ وَالْمَعَادِ.
وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَتَوَلَّ} أَيْ: عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} كَقَوْلِهِ {إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إِبْرَاهِيمَ: 8] .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {الْغَنِيُّ} الَّذِي [قَدْ] [6] كَمُلَ فِي غِنَاهُ، وَهُوَ اللَّهُ، هَذِهِ صِفَتُهُ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لَهُ، لَيْسَ لَهُ كُفْءٌ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. {الْحَمِيدُ} الْمُسْتَحْمَدُ إِلَى خَلْقِهِ، أَيْ: هُوَ الْمَحْمُودُ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلَا رَبَّ سواه.

[1] في م: "وضرعوا".
[2] تفسير الطبري (28/42) .
[3] في أ: "بجنابك".
[4] في أ: "المبيتة".
[5] في م: "لكل موقن".
[6] زيادة من م.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست