responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 438
فَأَمَّا صَاحِبُ الْعِلْمِ فَيَزْدَادُ رِضَا الرَّحْمَنِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الدُّنْيَا فَيَتَمَادَى فِي الطُّغْيَانِ. قَالَ ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} وَقَالَ لِلْآخَرِ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فَاطِرٍ: 28] .
وَقَدْ رُوي هَذَا مَرْفُوعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْمٍ، وَطَالِبُ دُنْيَا" [1] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى} نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ، لَعَنَهُ اللَّهُ، تَوَعَّدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَوَعَظَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أَوَّلًا فَقَالَ: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى} أَيْ: فَمَا ظَنُّكَ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي تَنْهَاهُ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمَةِ فِي فِعْلِهِ، أَوْ {أَمَرَ بِالتَّقْوَى} بِقَوْلِهِ، وَأَنْتَ تَزْجُرُهُ وَتَتَوَعَّدُهُ عَلَى صِلَاتِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} أَيْ: أَمَا عَلِمَ هَذَا النَّاهِي لِهَذَا الْمُهْتَدِي أَنَّ اللَّهَ يَرَاهُ وَيَسْمَعُ كَلَامَهُ، وَسَيُجَازِيهِ عَلَى فِعْلِهِ أَتَمَّ الْجَزَاءِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُتَوَعِّدًا وَمُتَهَدِّدًا: {كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} أَيْ: لَئِنْ لَمْ يَرْجِعْ عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنَ الشِّقَاقِ وَالْعِنَادِ {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} أَيْ: لنَسمَنَّها سَوَادًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ قَالَ: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} يَعْنِي: نَاصِيَةَ أَبِي جَهْلٍ كَاذِبَةً فِي مَقَالِهَا خَاطِئَةً فِي فعَالها.
{فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} أَيْ: قَوْمَهُ وَعَشِيرَتَهُ، أَيْ: لِيَدَعُهُمْ يَسْتَنْصِرُ بِهِمْ، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} وَهُمْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، حَتَّى يَعْلَمَ مَنْ يغلبُ: أحزبُنا أَوْ حِزْبُهُ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الجَزَري، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقه. فبَلغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "لَئِنْ فَعَلَهُ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ". ثُمَّ قَالَ: تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ -يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو-عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ [2] .
وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي تَفْسِيرِهِمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، بِهِ [3] وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي كُرَيْب، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، بِهِ [4] .
وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ [5] وَابْنُ جَرِيرٍ -وَهَذَا لَفْظُهُ-من طريق داود بن أبي هند، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْمَقَامِ فَمَرَّ بِهِ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا؟ -وَتَوعَّده-فَأَغْلَظَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانتهره، فقال: يا محمد،

[1] رواه الحاكم في المستدرك (1/92) من طريق قتادة، عن أنس به مرفوعا، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (10/223) من طريق زيد بن وهب، عن ابن مسعود به مرفوعا، وفي إسناده ضعيف.
[2] صحيح البخاري برقم (4958) .
[3] سنن الترمذي برقم (3348) وسنن النسائي برقم (11685) .
[4] تفسير الطبري (30/165) .
[5] في م، أ: "والترمذي والنسائي".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 438
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست