responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 37
لَقَدْ بِتْنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ وَحْشَى مَا لَنَا عَشَاءٌ. قَالَ: "اذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُريق فَقُلْ لَهُ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ، فَأَطْعِمْ عَنْكَ مِنْهَا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا، ثُمَّ اسْتَعِنْ بِسَائِرِهِ عَلَيْكَ وَعَلَى عِيَالِكَ". قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي فَقُلْتُ: وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضيقَ وسوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّعَة وَالْبَرَكَةَ، قَدْ أَمَرَ لِي بِصَدَقَتِكُمْ، فَادْفَعُوهَا إليَّ. فَدَفَعُوهَا إليَّ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَاخْتَصَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنه (1)
وَظَاهِرُ السِّيَاقِ: أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بَعْدَ قِصَّةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَزَوْجَتِهِ خُويَلة بِنْتِ ثَعْلَبَةَ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ تِلْكَ وَهَذِهِ بَعْدَ التَّأَمُّلِ.
قَالَ خَصيف، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ بن عَبَّاسٍ: أَوَّلُ مَنْ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ، أَخُو عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَامْرَأَتُهُ خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَالِكٍ، فَلَمَّا ظَاهَرَ مِنْهَا خَشِيت أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ طَلَاقًا، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَوْسًا ظَاهَرَ مِنِّي، وَإِنَّا إِنِ افْتَرَقْنَا هَلَكْنَا، وَقَدْ نَثَرتُ بَطْنِي مِنْهُ، وقَدمتْ صُحْبَتَهُ. وَهِيَ تَشْكُو ذَلِكَ وَتَبْكِي، وَلَمْ يَكُنْ جَاءَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَتَقْدِرُ عَلَى رَقَبَةٍ تُعْتِقُهَا؟ ". قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا؟ قَالَ: فَجَمَعَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَعْتَقَ عنه، ثم راجع أهله رواه بن جَرِيرٍ (2)
وَلِهَذَا ذَهَبَ ابنُ عَبَّاسٍ وَالْأَكْثَرُونَ إِلَى مَا قُلْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} أَصْلُ الظِّهَارِ مُشْتَقٌّ مِنَ الظَّهْرِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا إِذَا تَظَاهَرَ أَحَدٌ مِنِ امْرَأَتِهِ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عليَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ فِي الشَّرْعِ كَانَ الظِّهَارُ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ قِيَاسًا عَلَى الظَّهْرِ، وَكَانَ الظِّهَارُ عِنْدَ الْجَاهِلِيَّةِ طَلَاقًا، فَأَرْخَصَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَجَعَلَ فِيهِ كَفَّارَةً، وَلَمْ يَجْعَلْهُ طَلَاقًا كَمَا كَانُوا يَعْتَمِدُونَهُ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ. هَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عِكْرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: أَنْتِ عليَّ كَظَهْرِ أُمِّي، حُرِّمت عَلَيْهِ، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ ظَاهَرَ في الإسلام أوس، وَكَانَ تَحْتَهُ ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهَا: "خُوَيْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ [3] . فَظَاهَرَ مِنْهَا، فَأُسْقِطَ فِي يَدَيْهِ، وَقَالَ: مَا أَرَاكِ إِلَّا قَدْ حَرُمت عَلَيَّ. وَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَانْطَلِقِي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ مَاشِطَةً تُمَشِّطُ رأسه، فقال: "ياخويلة، مَا أُمِرْنَا فِي أَمْرِكِ بِشَيْءٍ [4] فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَا خُوَيْلَةُ، أَبْشِرِي" قَالَتْ: خَيْرًا. قَالَ فَقَرَأَ عَلَيْهَا: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} إِلَى قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}

(1) المسند (4/37) وسنن أبي داود برقم (2213) وسنن ابن ماجة برقم (2062) وسنن الترمذي برقم (3299) .
(2) تفسير الطبري (28/6) .
[3] في أ: "بنت خويلد" وهو خطأ.
[4] قي م: "ما أمرنا فيك بشيء".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست