responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 361
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} قَالَ: قَوَمٌ كَانُوا فِي الدُّنْيَا خَسِيسٌ أَمْرُهُمْ، فَارْتَفَعُوا فِي الْآخِرَةِ، وَآخَرُونَ كَانُوا أَشْرَافًا فِي الدُّنْيَا، فَاتَّضَعُوا فِي الْآخِرَةِ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} حَالًا بَعْدَ حَالٍ، فَطِيمًا بعد ما كان رضيعًا، وشيخًا بعد ما كَانَ شَابًّا.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} يَقُولُ: حَالًا بَعْدَ حَالٍ، رَخَاءً بَعْدَ شِدَّةٍ، وَشِدَّةً بَعْدَ رَخَاءٍ، وَغِنًى بَعْدَ فَقْرٍ، وَفَقْرًا بَعْدَ غِنًى، وَصِحَّةً بَعْدَ سَقَمٍ، وسَقَما بَعْدَ صِحَّةٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَاهِرٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ شَمِر، عَنْ جَابِرٍ-هُوَ الْجُعْفِيُّ-عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَفِي غَفْلَةٍ مِمَّا خُلِقَ لَهُ؛ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ خَلْقَهُ قَالَ لِلْمَلِكِ: اكْتُبْ رِزْقَهُ، اكْتُبْ أَجَلَهُ، اكْتُبْ أَثَرَهُ، اكْتُبْ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا، ثُمَّ يَرْتَفِعُ ذَلِكَ الْمَلَكُ وَيَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكا آخَرَ فَيَحْفَظُهُ حَتَّى يُدْرِكَ، ثُمَّ يَرْتَفِعُ ذَلِكَ الْمَلَكُ، ثُمَّ يُوكِلُ اللَّهُ بِهِ مَلَكَيْنِ يَكْتُبَانِ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ، فَإِذَا حَضَره الموتُ ارْتَفَعَ ذَانِكَ الْمَلَكَانِ، وَجَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَبَضَ رُوحَهُ، فَإِذَا دَخَلَ قَبْرَهُ رَدَّ الرُّوحَ فِي جَسَدِهِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ، وَجَاءَهُ مَلَكا الْقَبْرِ فَامْتَحَنَاهُ، ثُمَّ يَرْتَفِعَانِ، فَإِذَا قَامَتِ السَّاعَةُ انْحَطَّ عَلَيْهِ مَلَكُ الْحَسَنَاتِ وَمَلَكُ السَّيِّئَاتِ، فَانْتَشَطَا كِتَابًا مَعْقُودًا فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ حَضَرَا مَعَهُ: واحدٌ سَائِقًا وَآخَرُ شَهِيدًا"، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [ق:22] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} قَالَ: "حَالًا بَعْدَ حَالٍ". ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ قُدَّامَكُمْ لَأَمْرًا عَظِيمًا لَا تَقدرُونه، فَاسْتَعِينُوا بِاللَّهِ الْعَظِيمِ" [1] .
هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَإِسْنَادُهُ فِيهِ ضُعَفَاءُ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ، وَاللَّهُ-سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ ابن جرير بعد ما حَكَى أَقْوَالَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ: وَالصَّوَابُ مِنَ التَّأْوِيلِ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَتَرْكَبَنّ أَنْتَ-يَا مُحَمَّدُ-حَالًا بَعْدَ حَالٍ وَأَمْرًا بَعْدَ أَمْرٍ مِنَ الشَّدَائد. وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ-وَإِنْ كَانَ الْخَطَّابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَجَّها [2] -جَميعَ النَّاسِ، وَأَنَّهُمْ يَلْقَوْنَ مِنْ شَدَائِدِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهِ أَحْوَالًا [3] .
وَقَوْلُهُ: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} أَيْ: فَمَاذَا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؟ وَمَا لَهُمْ إِذَا قَرَأَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتِ الرَّحْمَنِ [4] وَكَلَامَهُ-وَهُوَ هَذَا الْقُرْآنُ-لَا يَسْجُدُونَ إِعْظَامًا وَإِكْرَامًا وَاحْتِرَامًا؟.
وَقَوْلُهُ: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ} أَيْ: مِنْ سَجِيَّتِهِمُ التَّكْذِيبُ وَالْعِنَادُ وَالْمُخَالَفَةُ لِلْحَقِّ.
{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: يكتمون في صدورهم.

[1] عزاه السيوطي في الدر المنثور (7/600) لابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية.
[2] في م: "متوجها".
[3] تفسير الطبري (30/80) .
[4] في أ: "آيات الله".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 361
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست