responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 321
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ". وَهُوَ الْأَعْمَى الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى) وَكَانَ يُؤَذِّنُ مَعَ بِلَالٍ. قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَ رَجُلا ضريرَ الْبَصَرِ، فَلَمْ يَكْ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ النَّاسُ-حِينَ يَنْظُرُونَ إِلَى بُزُوغِ الْفَجْرِ-: أذَّن [1] .
وَهَكَذَا ذَكَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو مَالِكٍ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ زَيْدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: أَنَّهَا نَزَلَتْ [2] فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَيُقَالُ: عَمْرٌو. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: (كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ) أَيْ: هَذِهِ السُّورَةُ، أَوِ الْوَصِيَّةُ بِالْمُسَاوَاةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي إِبْلَاغِ الْعِلْمِ مِنْ [3] شَرِيفِهِمْ وَوَضِيعِهِمْ.
وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: (كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ) يَعْنِي: الْقُرْآنَ، (فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ) أَيْ: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَ اللَّهَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ. وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْوَحْيِ؛ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ) أَيْ: هَذِهِ السُّورَةُ أَوِ الْعِظَةُ، وَكِلَاهُمَا مُتَلَازِمٌ، بَلْ جَمِيعُ الْقُرْآنِ (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ) أَيْ: مُعَظَّمَةٍ مُوَقَّرَةٍ (مَرْفُوعَةٍ) أَيْ: عَالِيَةِ الْقَدْرِ، (مُطَهَّرَةٍ) أَيْ: مِنَ الدَّنَسِ وَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ.
وَقَوْلُهُ: (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ زَيْدٍ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمُ الْقُرَّاءُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: السَّفَرَةُ بِالنَّبَطِيَّةِ: الْقُرَّاءُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ السَّفَرَةَ الْمَلَائِكَةُ، وَالسَّفَرَةُ يَعْنِي بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: السَّفِيرُ: الَّذِي يَسْعَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الصُّلْحِ وَالْخَيْرِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
ومَا أدَعُ السّفَارَة بَين قَومي ... وَما أمْشي بِغِشٍّ إِنْ مَشَيتُ (4)
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَفَرةٌ: الْمَلَائِكَةُ. سَفرت: أَصْلَحَتْ بَيْنَهُمْ. وَجَعَلَتِ الملائكةُ إِذَا نَزَلَتْ بوَحْي اللَّهِ وَتَأْدِيَتِهِ كَالسَّفِيرِ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ [5] .
وَقَوْلُهُ: (كِرَامٍ بَرَرَةٍ) أَيْ: خُلقهم كَرِيمٌ حَسَنٌ شَرِيفٌ، وَأَخْلَاقُهُمْ وَأَفْعَالُهُمْ بَارَّةٌ طَاهِرَةٌ كَامِلَةٌ. وَمِنْ هَاهُنَا يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ عَلَى السَّدَادِ وَالرَّشَادِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارة بْنِ أَوْفَى، عَنِ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ". أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، بِهِ [6] .
{قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23) فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ (32) }

[1] أصل الحديث في صحيح مسلم برقم (1092) .
[2] في م: "أنها أنزلت".
[3] في أ: "بين".
(4) تفسير الطبري (30/35) .
[5] صحيح البخاري (8/691) "فتح".
[6] المسند (6/48) وصحيح البخاري برقم (4937) وصحيح مسلم برقم (798) وسنن أبي داود برقم (1454) وسنن الترمذي برقم (2904) وسنن النسائي الكبرى برقم (8047) وسنن ابن ماجة برقم (3779) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 321
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست