responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 317
خَلْقِكَ شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ الْجِبَالِ؟ قَالَ نَعَمْ، الْحَدِيدُ. قَالَتْ: يَا رَبِّ، فَهَلْ مِنْ خَلْقِكَ شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ الْحَدِيدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، النَّارُ. قَالَتْ: يَا رَبِّ، فَهَلْ مِنْ خَلْقِكَ شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: نَعَمْ، الْمَاءُ. قَالَتْ: يَا رَبِّ، فَهَلْ مِنْ خَلْقِكَ شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ الْمَاءِ؟ قَالَ: نَعَمْ، الرِّيحُ. قَالَتْ: يَا رَبِّ فَهَلْ مِنْ خَلْقِكَ شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ الرِّيحِ؟ قَالَ: نَعَمْ، ابْنُ آدَمَ، يَتَصَدَّقُ بِيَمِينِهِ يُخْفِيهَا مِنْ [1] شَمَالِهِ" [2] .
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ قَمَصَتْ وَقَالَتْ: تَخْلُقُ عَلَيّ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ، يُلْقُونَ عَلَيَّ نَتَنَهُمْ وَيَعْمَلُونَ عَلَيّ بِالْخَطَايَا، فَأَرْسَاهَا اللَّهُ بِالْجِبَالِ، فَمِنْهَا مَا تَرَوْنَ، وَمِنْهَا مَا لَا تَرَوْنَ، وَكَانَ أَوَّلُ قَرَار الْأَرْضِ كَلَحْمِ الْجَزُورِ إِذَا نحِر، يَخْتَلِجُ لَحْمُهُ. غَرِيبٌ [3] .
وَقَوْلُهُ {مَتَاعًا لَكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ} أَيْ: دَحَا الْأَرْضَ فَأَنْبَعَ عُيُونَهَا، وَأَظْهَرَ مَكْنُونَهَا، وَأَجْرَى أَنْهَارَهَا، وَأَنْبَتَ زُرُوعَهَا وَأَشْجَارَهَا وَثِمَارَهَا، وَثَبَّتَ جِبَالَهَا، لِتَسْتَقِرَّ بِأَهْلِهَا وَيَقَرُّ قَرَارُهَا، كُلُّ ذَلِكَ مَتَاعًا لِخَلْقِهِ وَلِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْأَنْعَامِ الَّتِي يَأْكُلُونَهَا وَيَرْكَبُونَهَا مُدَّةَ احْتِيَاجِهِمْ إِلَيْهَا فِي هَذِهِ الدَّارِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْأَمَدُ، وَيَنْقَضِيَ الْأَجَلُ.
{فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ مَا سَعَى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) }
يَقُولُ تَعَالَى: {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَطُم عَلَى كُلِّ أَمْرٍ هَائِلٍ مُفْظِعٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [الْقَمَرِ: 46] .
{يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ مَا سَعَى} أَيْ: حِينَئِذٍ يتذكرُ ابنُ آدَمَ جَمِيعَ عَمَلِهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، كَمَا قَالَ: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} [الْفَجْرِ: 23] .
{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى} أَيْ: أَظْهَرَتْ لِلنَّاظِرِينَ فَرَآهَا النَّاسُ عِيَانًا، {فَأَمَّا مَنْ طَغَى} أَيْ: تَمَرّد وَعَتَا، {وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} أَيْ: قَدَّمَهَا عَلَى أَمْرِ دِينِهِ وَأُخْرَاهُ، {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} أَيْ: فَإِنَّ مصيرَه إِلَى الْجَحِيمِ وَإِنَّ مَطْعَمَهُ مِنَ الزَّقُّومِ، وَمَشْرَبَهُ مِنَ الْحَمِيمِ. {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}

[1] في أ: "عن".
[2] المسند (3/124) ، ورواه الترمذي في السنن برقم (3369) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هارون به، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ".
[3] تفسير الطبري (30/30) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست