responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 297
قَالَ: ورُوي عَنْ مَسْرُوقٍ، وَأَبِي الضُّحَى، وَمُجَاهِدٍ -فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ-وَالسُّدِّيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، مثلُ ذَلِكَ.
ورُويَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ الرُّسُلُ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ. وَهَكَذَا قَالَ أَبُو صَالِحٍ فِي " الْعَاصِفَاتِ" وَ " النَّاشِرَات " [وَ " الْفَارِقَاتِ "] [1] وَ " الْمُلْقِيَاتِ": أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيل، عَنْ مُسلم البَطين، عَنْ أَبِي العُبَيدَين قَالَ: سَأَلْتُ ابنَ مَسْعُودٍ عَنْ {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا} قَالَ: الرِّيحُ. وَكَذَا قَالَ فِي: {فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا} إِنَّهَا الرِّيحُ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو صَالِحٍ -فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ-وَتَوَقَّفَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا} هَلْ هِيَ الْمَلَائِكَةُ إِذَا أُرْسِلَتْ بالعُرْف، أَوْ كعُرْف الفَرَس يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟ أَوْ: هِيَ الرِّيَاحُ إِذَا هَبَّت شَيْئًا فَشَيْئًا؟ وَقَطَعَ بِأَنَّ الْعَاصِفَاتِ عَصْفًا هِيَ الرِّيَاحُ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمَنْ تَابَعَهُ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ فِي الْعَاصِفَاتِ أَيْضًا: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ [2] ، وَالسُّدِّيُّ، وَتَوَقَّفَ فِي {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا} هَلْ هِيَ الْمَلَائِكَةُ أَوِ الرِّيحُ؟ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ: أَنَّ النَّاشِرَاتِ نَشْرًا: الْمَطَرُ.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ: "الْمُرْسَلات" هِيَ الرِّيَاحُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الْحِجْرِ: 22] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الْأَعْرَافِ: 57] وَهَكَذَا الْعَاصِفَاتُ هِيَ: الرِّيَاحُ، يُقَالُ: عَصَفَتِ الرِّيحُ إِذَا هَبَّت بِتَصْوِيتٍ، وَكَذَا النَّاشِرَاتُ هِيَ: الرِّيَاحُ الَّتِي تَنْشُرُ السَّحَابَ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ، كَمَا يَشَاءُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَوْلُهُ: {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} يَعْنِي: الْمَلَائِكَةَ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَالثَّوْرِيُّ. وَلَا خِلَافَ هَاهُنَا؛ فَإِنَّهَا تَنْزِلَ بِأَمْرِ اللَّهِ عَلَى الرُّسُلِ، تُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْهُدَى وَالْغَيِّ، وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَتُلْقِي إِلَى الرُّسُلِ وَحْيًا فِيهِ إِعْذَارٌ إِلَى الْخَلْقِ، وإنذارٌ لَهُمْ عقابَ اللَّهِ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَهُ.
وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} هَذَا هُوَ الْمُقْسَمُ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْأَقْسَامِ، أَيْ: مَا وُعِدْتُمْ بِهِ مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ، وَالنَّفْخِ فِي الصُّوَرِ، وَبَعْثِ الْأَجْسَادِ وَجَمْعِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَمُجَازَاةِ كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ، إِنَّ هَذَا كُلَّهُ {لَوَاقِع} أَيْ: لَكَائِنٌ لَا مَحَالَةَ.
ثُمَّ قَالَ: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} أَيْ: ذَهَبَ ضَوْؤُهَا، كَقَوْلِهِ: {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} [التَّكْوِيرِ: [2]] وَكَقَوْلِهِ: {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ} [الِانْفِطَارِ: [2]] .
{وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} أَيِ: انْفَطَرَتْ وَانْشَقَّتْ، وَتَدَلَّتْ أَرْجَاؤُهَا، وَوَهَت أَطْرَافُهَا.
{وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ} أَيْ: ذُهِب بِهَا، فَلَا يَبْقَى لَهَا عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ، كَقَوْلِهِ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا} [طه: 105 -107]

[1] زيادة من أ.
[2] في أ: "علي بن أبي طلحة".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 297
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست