responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 29
وَهُوَ الْكِتَابُ الَّذِي أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} وَهُمُ الْحَوَارِيُّونَ {رَأْفَةً وَرَحْمَةً} أَيْ: رَأْفَةً وَهِيَ الْخَشْيَةُ {وَرَحْمَةً} بِالْخَلْقِ.
وَقَوْلُهُ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} أَيِ: ابْتَدَعَتْهَا أُمَّةُ النَّصَارَى {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} أَيْ: مَا شَرَعْنَاهَا لَهُمْ، وَإِنَّمَا هُمُ الْتَزَمُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: {إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} فِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ قَصَدُوا بِذَلِكَ رِضْوَانَ اللَّهِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَتَادَةُ. وَالْآخَرُ: مَا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ ذَلِكَ إِنَّمَا كَتَبْنَا عَلَيْهِمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} أَيْ: فَمَا قَامُوا بِمَا الْتَزَمُوهُ حَقَّ الْقِيَامِ. وَهَذَا ذَمٌّ لَهُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: فِي الِابْتِدَاعِ فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ اللَّهُ. وَالثَّانِي: فِي عَدَمِ قِيَامِهِمْ بِمَا الْتَزَمُوهُ مِمَّا زَعَمُوا أَنَّهُ قُرْبَةٌ يُقَرِّبُهُمْ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ أَبُو يَعْقُوبَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا السِّنْدِيُّ بْنُ عَبْدَوَيْهِ [1] حَدَّثَنَا بُكَيْر بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقاتِل بْنِ حَيَّان، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا ابْنَ مَسْعُودٍ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً؟ لَمْ يَنْجُ مِنْهَا إِلَّا ثَلَاثُ فِرَقٍ، قَامَتْ بَيْنَ الْمُلُوكِ وَالْجَبَابِرَةِ بَعْدَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَدَعَتْ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَدِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَقَاتَلَتِ الْجَبَابِرَةَ فقُتلت فَصَبَرَتْ وَنَجَتْ، ثُمَّ قَامَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهَا قُوَّةٌ بِالْقِتَالِ، فَقَامَتْ بَيْنَ الْمُلُوكِ وَالْجَبَابِرَةِ فَدَعَوْا إِلَى دِينِ اللَّهِ وَدِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَقُتِّلَتْ وَقُطِّعَتْ بِالْمَنَاشِيرِ وَحُرِّقَتْ بِالنِّيرَانِ، فَصَبَرَتْ وَنَجَتْ. ثُمَّ قَامَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهَا قُوَّةٌ بِالْقِتَالِ وَلَمْ تُطِقِ الْقِيَامَ بِالْقِسْطِ، فَلَحِقَتْ بِالْجِبَالِ فَتَعَبَّدَتْ وَتَرَهَّبَتْ، وَهُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} (2)
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ بِلَفْظٍ آخَرَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فَقَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، حَدَّثَنَا الصَّعِق بْنُ حَزْن، حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ الْجَعْدِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْتَلَفَ مَنْ كَانَ قَبْلنَا عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، نَجَا مِنْهُمْ ثَلَاثٌ وَهَلَكَ سَائِرُهُمْ ... " وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ: " {فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ} هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَصَدَّقُونِي {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} وَهُمُ الَّذِينَ كَذَّبُونِي وَخَالَفُونِي" (3)
وَلَا يَقْدَحُ فِي هَذِهِ الْمُتَابَعَةِ لِحَالِ دَاوُدَ بْنِ الْمُحَبَّرِ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الْوَضَّاعِينَ لِلْحَدِيثِ، وَلَكِنْ [4] قد أسنده

[1] في م: "السندي بن عبد ربه"، وفي أ: "السري بن عبد ربه".
(2) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (10/211) من طريق هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، عن بكير بن معروف به نحوه، وبكير بن معروف متكلم فيه.
(3) تفسير الطبري (27/138) .
[4] في م: "ولكن".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست