responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 286
وَقَوْلُهُ: {نَبْتَلِيهِ} أَيْ: نَخْتَبِرُهُ، كَقَوْلِهِ: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} [الْمُلْكِ: [2]] . {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} أَيْ: جَعَلَنَا لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا يَتَمَكَّنُ بِهِمَا مِنَ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ.
وَقَوْلُهُ: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} أَيْ: بَيَّنَّاهُ لَهُ وَوَضَّحْنَاهُ وَبَصَّرْنَاهُ بِهِ، كَقَوْلِهِ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فُصِّلَتْ: 17] ، وَكَقَوْلِهِ: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [الْبَلَدِ: 10] ، أَيْ: بَيَّنَّا لَهُ طَرِيقَ الْخَيْرِ وَطَرِيقَ الشَّرِّ. وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ، وَعَطِيَّةَ، وَابْنِ زَيْدٍ، وَمُجَاهِدٍ -فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ-وَالْجُمْهُورِ.
ورُوي عَنْ مُجَاهِدٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَالسُّدِّيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} يَعْنِي خُرُوجَهُ مِنَ الرَّحِمِ. وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ، وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ.
وَقَوْلُهُ: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ "الْهَاءِ" فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} تَقْدِيرُهُ: فَهُوَ فِي ذَلِكَ إِمَّا شَقِيٌّ وَإِمَّا سَعِيدٌ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ النَّاسِ يَغْدو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمَوْبِقُهَا أَوْ مُعْتقها" [1] . وَتَقَدَّمَ فِي سورة "الروم" عند قوله: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الرُّومِ: 30] مِنْ رِوَايَةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعربَ عَنْهُ لِسَانُهُ، فَإِذَا أَعْرَبَ عَنْهُ لِسَانُهُ، فَإِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا".
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيرة، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ خَارِجٍ يَخْرُجُ إِلَّا بِبَابِهِ رَايَتَانِ: رايةٌ بِيَدِ مَلَك، وَرَايَةٌ بِيَدِ شَيطان، فَإِنْ خَرَجَ لِمَا يُحِبّ اللهُ اتبعَه المَلَك بِرَايَتِهِ، فَلَمْ يَزَلْ تَحْتَ رَايَةِ الْمَلَكِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ. وَإِنْ خَرَجَ لِمَا يُسخط اللَّهَ اتَّبَعَهُ الشَّيْطَانُ بِرَايَتِهِ، فَلَمْ يَزَلْ تَحْتَ رَايَةِ الشَّيْطَانِ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ" [2] .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنِ ابْنِ خُثَيم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجرَة: "أَعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ". قَالَ: وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ؟ قَالَ: "أُمَرَاءٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي، لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يستَنّونَ بِسُنَّتِي، فَمَنْ صَدّقهم بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ، وَلَا يَردُون عَلَى حَوْضِي. وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنهم عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ، وَسَيَرِدُونَ عَلَى حَوْضِي. يَا كَعْبَ بْنَ عُجرَة، الصَّوْمُ جَنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَالصَّلَاةُ قُرْبَانٌ -أَوْ قَالَ: بُرْهَانٌ-يَا كعبَ بنَ عجرَة، إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْت، النَّارُ أَوْلَى بِهِ. يَا كَعْبُ، النَّاسُ غَاديان، فمبتاعُ نفسَه فَمُعْتِقُهَا، وَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمَوْبِقُهَا".
وَرَوَاهُ عَنْ عَفّان، عَنْ وُهَيب [3] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، بِهِ [4] .

[1] صحيح مسلم برقم (223) .
[2] المسند (2/323) .
[3] في أ: "عن وهب".
[4] المسند (3/321) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست