responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 217
وقوله: {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئُونَ} أَيْ: لَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ مَنْ يُنْقِذُهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، لَا حَمِيمٌ -وَهُوَ الْقَرِيبُ-وَلَا شَفِيعٌ يُطَاعُ، وَلَا طَعَامٌ له هاهنا إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ.
قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ شَرُّ طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ. وَقَالَ الرَّبِيعُ، وَالضَّحَّاكُ: هُوَ شَجَرَةٌ فِي جَهَنَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدَّبُ، عَنْ خُصَيف، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا أَدْرِي مَا الْغِسْلِينُ، وَلَكِنِّي أَظُنُّهُ الزَّقُّومَ.
وَقَالَ شَبِيب بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْغِسْلِينُ: الدَّمُ وَالْمَاءُ يَسِيلُ مِنْ لُحُومِهِمْ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ: الْغِسْلِينُ: صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ.
{فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) }
يَقُولُ تَعَالَى مُقسمًا لِخَلْقِهِ بِمَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ آيَاتِهِ فِي مَخْلُوقَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِهِ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَمَا غَابَ عَنْهُمْ مِمَّا لَا يُشَاهِدُونَهُ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ عَنْهُمْ: إِنَّ الْقُرْآنَ كلامُه وَوَحْيُهُ وتنزيلُه عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ، الَّذِي اصْطَفَاهُ لِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، فَقَالَ: {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} يَعْنِي: مُحَمَّدًا، أَضَافَهُ إِلَيْهِ عَلَى مَعْنَى التَّبْلِيغِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُبَلِّغَ عَنِ الْمُرْسِلِ؛ وَلِهَذَا أَضَافَهُ فِي سُورَةِ التَّكْوِيرِ إِلَى الرَّسُولِ الْمَلَكِيِّ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} وَهَذَا جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
ثُمَّ قَالَ: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ} يَعْنِي: أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى جِبْرِيلَ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا، {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} أَيْ: بِمُتَّهَمٍ {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [التَّكْوِيرِ: 19 -25] ، وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ} ، فَأَضَافَهُ تَارَةً إِلَى قَوْلٍ الرَّسُولِ الْمَلَكِيِّ، وَتَارَةً إِلَى الرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُبَلِّغٌ عَنِ اللَّهِ مَا اسْتَأْمَنَهُ عَلَيْهِ مِنْ وَحْيِهِ وَكَلَامِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنَا شُرَيح بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ. قَالَ: فَقَرَأَ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ} قَالَ: فَقُلْتُ: كَاهِنٌ. قَالَ فَقَرَأَ: {وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست