responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 201
يَقُولُ تَعَالَى: {فَاصْبِرْ} يَا مُحَمَّدُ عَلَى أَذَى قَوْمِكَ لَكَ وَتَكْذِيبِهِمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَحْكُمُ لَكَ عَلَيْهِمْ، وَيَجْعَلُ الْعَاقِبَةَ لَكَ وَلِأَتْبَاعِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، {وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} يَعْنِي: ذَا النُّونِ، وَهُوَ يُونُسُ بْنُ مَتَّى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ ذَهَبَ مُغَاضِبًا عَلَى قَوْمِهِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ مِنْ رُكُوبِهِ فِي الْبَحْرِ وَالْتِقَامِ الْحُوتِ لَهُ، وَشُرُودِ الْحُوتِ بِهِ فِي الْبِحَارِ وَظُلُمَاتِ غَمَرَاتِ الْيَمِّ، وَسَمَاعِهِ تَسْبِيحَ الْبَحْرِ بِمَا فِيهِ لِلْعَلِيِّ الْقَدِيرِ، الَّذِي لَا يُرَدّ مَا أَنْفَذَهُ مِنَ التَّقْدِيرِ، فَحِينَئِذٍ نَادَى فِي الظُّلُمَاتِ. {أَنْ لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 87] . قَالَ اللَّهُ {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 88] ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصَّافَّاتِ: 143، 144] وَقَالَ هَاهُنَا: {إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ: وَهُوَ مَغْمُومٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَأَبُو مَالِكٍ: مَكْرُوبٌ. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: {لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} خَرَجَتِ الْكَلِمَةُ تَحُفّ حَوْلَ الْعَرْشِ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ، هَذَا صَوْتٌ ضَعِيفٌ مَعْرُوفٌ مِنْ بِلَادٍ غَرِيبَةٍ. فَقَالَ اللَّهُ: أَمَا تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: هَذَا يُونُسُ. قَالُوا: يَا رَبُّ، عَبْدُكُ الَّذِي لَا يَزَالُ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ وَدَعْوَةٌ مُجَابَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: أَفَلَا تَرْحَمُ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ فِي الرَّخَاءِ فَتُنْجِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ؟ فَأَمَرَ اللَّهُ الْحُوتَ فَأَلْقَاهُ بِالْعَرَاءِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى".
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حديث سفيان الثَّوْرِيِّ [1] وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هريرة [2] .
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُهُمَا: {لَيُزْلِقُونَكَ} لَيُنْفِذُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ، أَيْ: لَيُعِينُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ، بِمَعْنَى: يَحْسُدُونَكَ لِبُغْضِهِمْ إِيَّاكَ لَوْلَا وِقَايَةُ اللَّهِ لَكَ، وَحِمَايَتُهُ إِيَّاكَ مِنْهُمْ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ إِصَابَتُهَا وَتَأْثِيرُهَا حَقٌّ، بِأَمْرِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا وَرَدَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الْمَرْوِيَّةُ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَثِيرَةٍ.
حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ العَتَكي، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ (ح) ، وَحَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ العَنْبَريّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ، عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ ذَرِيح، عَنِ الشَّعْبِيِّ -قَالَ الْعَبَّاسُ: عَنْ أَنَسٍ-قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمة أَوْ دَمٍ لَا يُرْقَأُ". لَمْ يَذْكُرِ الْعَبَّاسُ الْعَيْنَ. وَهَذَا لَفْظُ سُلَيْمَانَ [3] .
حَدِيثُ بُرَيدة بْنِ الحُصَيب، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَير، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ حُصَين، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ

[1] المسند (1/390) وصحيح البخاري برقم (4603) .
[2] صحيح البخاري برقم (4631) وصحيح مسلم برقم (2376) .
[3] سنن أبي داود برقم (3889) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست