responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 155
{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) }
يَقُولُ تَعَالَى مُتَوَعِّدًا لِمَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ، وَكَذَّبَ رُسُلَهُ، وَسَلَكَ غَيْرَ مَا شَرَعَهُ، وَمُخْبِرًا عَمَّا حَلَّ بِالْأُمَمِ السَّالِفَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَقَالَ: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ} أَيْ: تَمَرَّدَتْ وَطَغَتْ وَاسْتَكْبَرَتْ عَنِ اتِّبَاعِ أَمْرِ اللَّهِ وَمُتَابَعَةِ رُسُلِهِ، {فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا} أَيْ: مُنْكَرًا فَظِيعًا.
{فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} أَيْ: غِبَّ مُخَالَفَتِهَا، وَنَدِمُوا حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُمُ النَّدَمُ، {وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} أَيْ: فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، مَعَ مَا عَجَّل لَهُمْ فِي الدُّنْيَا.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا قَصَّ مِنْ خَبَرِ هَؤُلَاءِ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ} أَيِ: الْأَفْهَامِ الْمُسْتَقِيمَةِ، لَا تَكُونُوا مِثْلَهُمْ فَيُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ، {الَّذِينَ آمَنُوا} أَيْ: صَدَّقُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، {قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا} يَعْنِي: الْقُرْآنَ. كَقَوْلِهِ {إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الْحِجْرِ: 9]
وَقَوْلُهُ: {رَسُولا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ} قَالَ بَعْضُهُمْ: {رَسُولا} مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَمُلَابَسَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ هُوَ الَّذِي بَلَّغَ الذِّكْرَ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الصَّوَابُ أَنَّ الرَّسُولَ تَرْجَمَةٌ عَنِ الذِّكْرِ، يَعْنِي تَفْسِيرًا لَهُ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {رَسُولا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ} أَيْ فِي حَالِ كَوْنِهَا بَيِّنَةً وَاضِحَةً جَلِيَّةً {لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إِبْرَاهِيمَ: 1] وَقَالَ تَعَالَى {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الْبَقَرَةِ: 257] أَيْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ وَالْجَهْلِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْوَحْيَ الَّذِي أَنْزَلَهُ نُورًا لِمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنَ الْهُدَى كَمَا سَمَّاهُ رُوحًا لِمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ حَيَاةِ الْقُلُوبِ فَقَالَ: تَعَالَى {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشُّورَى: 52] وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا}

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست