responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 86
وَأَمَا قَوْلُهُ: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَير، والسُّدِّي: هُوَ خَادِمُ الرَّجُلِ مِنْ عَبْدٍ وقَهْرَمان، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا اسْتَوْدَعَهُ مِنَ الطَّعَامِ بِالْمَعْرُوفِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَرْغَبُونَ فِي النَّفِيرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَدْفَعُونَ مُفَاتِحَهُمْ إِلَى ضُمَنائهم، وَيَقُولُونَ: قَدْ أَحْلَلْنَا لَكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مَا احْتَجْتُمْ إِلَيْهِ. فَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَنَا أَنْ نَأْكُلَ؛ إِنَّهُمْ أَذِنُوا لَنَا عَنْ غَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّمَا نَحْنُ أُمَنَاءُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} .
وَقَوْلُهُ: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} أَيْ: بُيُوتِ أَصْدِقَائِكُمْ وَأَصْحَابِكُمْ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي الْأَكْلِ مِنْهَا، إِذَا عَلِمْتُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَلَا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَ صَدِيقِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَأْكُلَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.
وَقَوْلُهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَذَلِكَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النِّسَاءِ: 29] قَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ، وَالطَّعَامُ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنَّا أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ. فَكَفَّ الناسُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَى الأعْمَى} [1] إِلَى قَوْلِهِ: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} [2] ، وَكَانُوا أَيْضًا يَأْنَفُونَ وَيَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ الطَّعَامَ وَحْدَهُ، حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَرَخَّصَ اللَّهُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} .
وَقَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، يَرَى أَحَدُهُمْ أَنَّ مَخْزَاةً عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى إِنْ كَانَ الرجلُ لَيَسوقُ الذُّودَ الحُفَّل وَهُوَ جَائِعٌ، حَتَّى يَجِدَ مَنْ يُؤَاكِلُهُ وَيُشَارِبُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} .
فَهَذِهِ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ، وَمَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْلُ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلَ وَأَبَرَكَ، كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ وَحْشيّ بْنِ حَرْب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا نأكلُ وَلَا نشبَع. قَالَ: "فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُتَفَرِّقِينَ، اجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ يُبَاركْ لَكُمْ فِيهِ".
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، بِهِ (3)
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا، مِنْ حَدِيثِ عمرو بن دينار القهرماني، عن سالم، عن أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرّقُوا؛ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ". (4)
وَقَوْلُهُ: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} قَالَ سعيد بن جبير، والحسن البصري،

[1] بعدها في ف، أ: "ولا على الأعرج حرج".
[2] قبلها في ف، أ: "أو ما ملكتم مفاتحه".
(3) المسند (3/501) وسنن أبي داود برقم (3764) وسنن ابن ماجه برقم (3286) .
(4) سنن ابن ماجه برقم (3287) وقال البوصيري في الزوائد (3/77) : "هذا إسناد ضعيف".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست