responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 577
رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ، فَتَسْتَأْذِنُ فِي الرُّجُوعِ فَيُؤْذَنُ لَهَا، وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ. فَتَرْجِعُ إِلَى مَطْلَعِهَا، وَذَلِكَ مُسْتَقَرُّهَا، ثُمَّ قَرَأَ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} (1)
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: "أَتَدْرِي أَيْنَ هَذَا؟ " قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنُ فَيُؤْذِنُ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنُ فَلَا يُؤْذَنُ لَهَا، وَيُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ. فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [2] .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} ، قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ فَتَرُدُّهَا ذُنُوبُ بَنِيَ آدَمَ، حَتَّى إِذَا غَرَبَتْ سلَّمت وَسَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ فَيُؤْذَنُ لَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ غَرَبَتْ فَسَلَّمَتْ وَسَجَدَتْ، وَاسْتَأْذَنَتْ فَلَا يُؤْذِنُ لَهَا، فَتَقُولُ: إِنَّ الْمَسِيرَ بَعِيدٌ وَإِنِّي إِلَّا يُؤْذَنُ لِي لَا أَبْلُغُ، فَتَحْبِسُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَحْبِسَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهَا: "اطْلَعِي مِنْ حَيْثُ غَرَبْتِ". قَالَ: "فَمِنْ يَوْمَئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا، لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا". (3)
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} هُوَ انْتِهَاءُ سَيْرِهَا وَهُوَ غَايَةُ ارْتِفَاعِهَا فِي السَّمَاءِ فِي الصَّيْفِ وَهُوَ أَوْجُهَا، ثُمَّ غَايَةُ انْخِفَاضِهَا فِي الشِّتَاءِ وَهُوَ الْحَضِيضُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِمُسْتَقَرِّهَا هُوَ: مُنْتَهَى سَيْرِهَا، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يَبْطُلُ سَيْرُهَا وَتَسْكُنُ حَرَكَتُهَا وَتُكَوَّرُ، وَيَنْتَهِي هَذَا الْعَالَمُ إِلَى غَايَتِهِ، وَهَذَا هُوَ مُسْتَقَرُّهَا الزَّمَانِيُّ.
قَالَ قَتَادَةُ: {لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} أَيْ: لِوَقْتِهَا وَلِأَجَلٍ لَا تَعْدُوهُ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ: أَنَّهَا لَا تَزَالُ تَنْتَقِلُ فِي مَطَالِعِهَا الصَّيْفِيَّةِ إِلَى مُدَّةٍ لَا تَزِيدُ عَلَيْهَا، يُرْوَى هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ: "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لَا مُسْتَقَرَّ لَهَا" أَيْ: لَا قَرَارَ لَهَا وَلَا سُكُونَ، بَلْ هِيَ سَائِرَةٌ لَيْلًا وَنَهَارًا، لَا تَفْتُرُ وَلَا تَقِفُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إِبْرَاهِيمَ: 33] أَيْ: لَا يَفْتُرَانِ وَلَا يَقِفَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
{ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ} أَيِ: الَّذِي لَا يخالَف وَلَا يُمانَع، {الْعَلِيم} بِجَمِيعِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ، وَقَدْ قَدَّرَ ذَلِكَ وقَنَّنَه عَلَى مِنْوَالٍ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَلَا تَعَاكُسَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَالِقُ الإصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الْأَنْعَامِ: 96] . وَهَكَذَا خَتَمَ آيَةَ [4] حم السَّجْدَةِ" بِقَوْلِهِ: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [فُصِّلَتْ: 12] . ثُمَّ قَالَ: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} أَيْ: جَعَلْنَاهُ يَسِيرُ سَيْرًا آخَرَ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مُضِيِّ الشُّهُورِ، كَمَا أَنَّ

(1) المسند (5/152) .
[2] في ت: "واسالنا"
(3) تفسير عبد الرزاق (2/115) ورواه أبو الشيخ في العظمة برقم (628) من طريق عبد الرزاق.
[4] في ت: "ختم آخر آية".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 577
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست