responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 534
فَكَذَّبُوهُمْ وَخَالَفُوهُمْ، {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ} أَيْ: وَسَنَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَوْفَرَ الْجَزَاءِ.
ثُمَّ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أَيِ: الْمَعَادُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، {فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} أَيِ: الْعِيشَةُ الدَّنِيئَةُ [1] بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أَعَدَّ [2] اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَأَتْبَاعِ رُسُلِهِ مِنَ الْخَيْرِ الْعَظِيمِ فَلَا تَتَلَهَّوا [3] عَنْ ذَلِكَ [4] الْبَاقِي بِهَذِهِ الزَّهْرَةِ الْفَانِيَةِ، {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} وَهُوَ الشَّيْطَانُ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. أَيْ: لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ وَيَصْرِفَنَّكُمْ عَنِ اتِّبَاعِ رُسُلِ اللَّهِ وَتَصْدِيقِ كَلِمَاتِهِ فَإِنَّهُ غرَّار كَذَّابٌ أَفَّاكٌ. وَهَذِهِ الْآيَةُ كَالْآيَةِ الَّتِي فِي آخِرِ لُقْمَانَ: {فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لُقْمَانَ: 33] . قَالَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هُوَ الشَّيْطَانُ. كَمَا قَالَ: يَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ لِلْمُنَافِقِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُضْرَبُ {بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [الْحَدِيدِ: 13، 14] .
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى عَدَاوَةَ إِبْلِيسَ لِابْنِ آدَمَ فَقَالَ: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [5] أَيْ: هُوَ مُبَارِزٌ لَكُمْ بِالْعَدَاوَةِ، فَعَادُوهُ أَنْتُمْ أَشَدَّ الْعَدَاوَةِ، وَخَالِفُوهُ وَكَذِّبُوهُ فِيمَا يَغُرُّكُمْ بِهِ، {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} أَيْ: إِنَّمَا يَقْصِدُ أَنْ يُضِلَّكُمْ حَتَّى تَدْخُلُوا مَعَهُ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ، فَهَذَا هُوَ الْعَدُوُّ الْمُبِينُ. فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْقَوِيَّ الْعَزِيزَ أَنْ يَجْعَلَنَا أَعْدَاءَ الشَّيْطَانِ [6] ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا اتِّبَاعَ كِتَابِهِ، وَالِاقْتِفَاءَ بِطَرِيقِ رَسُولِهِ، إِنَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ، وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ. وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا} [الْكَهْفِ: 50] .
[وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَتَحْتَ هَذَا الْخِطَابِ نَوْعٌ لَطِيفٌ مِنَ الْعِتَابِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّمَا عَادَيْتُ إِبْلِيسَ مِنْ أَجْلِ أَبِيكُمْ وَمِنْ أَجْلِكُمْ، فَكَيْفَ يَحْسُنُ بِكُمْ أَنْ تُوَالُوهُ؟ بَلِ اللَّائِقُ بِكُمْ أَنْ تُعَادُوهُ وَتُخَالِفُوهُ وَلَا تُطَاوِعُوهُ] . (7)
{الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [7] أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [8] } .
لما ذكر [الله] [8] تعالى أن أتباع إبليس مصيرهم إلى [عذاب] [9] السَّعِيرِ، ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ [10] ؛ لِأَنَّهُمْ أَطَاعُوا الشَّيْطَانَ وعَصَوا الرحمن، وأن الذين آمنوا بالله

[1] في أ: "المعيشة الدنية".
[2] في ت: "ما وعد".
[3] في أ: "فلا يلتهوا".
[4] في س: "ذاك".
[5] في س بعدها: "إنما يدعو حزبه".
[6] في ت: "للشياطين".
[7] زيادة من ت، أ.
[8] زيادة من ت.
[9] زيادة من ت، أ.
[10] في ت: "للذين كفروا عذا با شديدا".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 534
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست