responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 510
كَهَنَةٌ، وَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ، فَأَخْبَرُوا الْكَهَنَةَ [1] بِشَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ [2] السَّمَاءِ، فَكَانَ [3] فِيهِمْ رَجُلٌ كَاهِنٌ شَرِيفٌ كَثِيرُ الْمَالِ، وَإِنَّهُ خُبّر أَنَّ زَوَالَ أَمْرِهِمْ قَدْ دَنَا، وَأَنَّ الْعَذَابَ قَدْ أَظَلَّهُمْ [4] . فَلَمْ يَدْرِ كَيْفَ يَصْنَعُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ مِنْ عَقَارٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِيهِ -وَهُوَ أَعَزُّهُمْ أَخْوَالًا-: إِذَا كَانَ غَدًا وَأَمَرْتُكَ بِأَمْرٍ فَلَا تَفْعَلْ، فَإِذَا انْتَهَرْتُكَ فَانْتَهِرْنِي، فَإِذَا تَنَاوَلْتُكَ فَالْطِمْنِي. فَقَالَ: يَا أَبَتِ، لَا تَفْعَلْ، إِنَّ هَذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ، وَأَمْرٌ شَدِيدٌ، قَالَ: يَا بُنَيَّ، قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى وَافَاهُ عَلَى ذَلِكَ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، قَالَ: يَا بُنَيَّ، افْعَلْ كَذَا وَكَذَا. فَأَبَى، فَانْتَهَرَهُ أَبُوهُ، فَأَجَابَهُ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَنَاوَلَهُ أَبُوهُ، فَوَثَبَ عَلَى أَبِيهِ فَلَطَمَهُ، فَقَالَ: ابْنِي يَلْطِمُنِي؟ عَلَيّ بِالشَّفْرَةِ. قَالُوا: وَمَا تَصْنَعُ بِالشَّفْرَةِ؟ قَالَ: أَذْبَحُهُ. قَالُوا: تَذْبَحُ ابْنَكَ. الْطِمْهُ أَوِ اصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ. قَالَ: فَأَبَى، قَالَ: فَأَرْسَلُوا إِلَى أَخْوَالِهِ فَأَعْلَمُوهُمْ ذَلِكَ، فَجَاءَ أَخْوَالُهُ فَقَالُوا: خُذْ مِنَّا مَا بَدَا لَكَ. فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَذْبَحَهُ. قَالُوا: فَلَتَمُوتَنَّ قَبْلَ أَنْ تَذْبَحَهُ. قَالَ: فَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ هَكَذَا فَإِنِّي لَا أَرَى أَنْ أُقِيمَ بِبَلَدٍ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَ وَلَدِي [5] فِيهِ، اشْتَرُوا مِنِّي دُورِي، اشْتَرُوا مِنِّي أَرْضِي، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى باع دوره وأرضيه وَعَقَارَهُ، فَلَمَّا صَارَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ وَأَحْرَزَهُ، قَالَ: أَيْ قَوْمِ، إِنَّ الْعَذَابَ قَدْ أَظَلَّكُمْ، وَزَوَالُ أَمْرِكُمْ قَدْ دَنَا، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ دَارًا جَدِيدًا، وَجَمَلًا شَدِيدًا، وَسَفَرًا بَعِيدًا، فَلْيَلْحَقْ بِعَمَّانَ. وَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمُ الخَمْر والخَمير والعَصير -وَكَلِمَةً، قَالَ [6] إِبْرَاهِيمُ: لَمْ أَحْفَظْهَا-فَلْيَلْحَقْ [7] ببصْرَى، وَمَنْ أَرَادَ الرَّاسِخَاتِ فِي الْوَحْلِ، الْمُطْعِمَاتِ فِي الْمَحْلِ، الْمُقِيمَاتِ فِي الضَّحْلِ، فَلْيَلْحَقْ [8] بِيَثْرِبَ ذَاتِ نَخْلٍ. فَأَطَاعَهُ قَوْمُهُ [9] فَخَرَجَ أَهْلُ عُمَانَ إِلَى عُمَانَ. وَخَرَجَتْ غَسَّانُ إِلَى بُصْرَى. وَخَرَجَتِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ وَبَنُو عُثْمَانَ إِلَى يَثْرِبَ ذَاتِ النَّخْلِ. قَالَ: فَأَتَوْا عَلَى بَطْنِ مُرٍّ فَقَالَ بَنُو عُثْمَانَ: هَذَا مَكَانٌ صَالِحٌ، لَا نَبْغِي بِهِ بَدَلًا. فَأَقَامُوا بِهِ، فَسُمُّوا لِذَلِكَ خُزَاعَةَ، لِأَنَّهُمُ انْخَزَعُوا مِنْ أَصْحَابِهِمْ، وَاسْتَقَامَتِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى نَزَلُوا الْمَدِينَةَ، وَتَوَجَّهَ أَهْلُ عُمَانَ إِلَى عُمَانَ، وَتَوَجَّهَتْ غَسَّانُ إِلَى بُصْرَى.
هَذَا أَثَرٌ غَرِيبٌ عَجِيبٌ، وَهَذَا الْكَاهِنُ هُوَ عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ أَحَدُ رُؤَسَاءِ الْيَمَنِ وَكُبَرَاءِ سَبَأٍ وَكُهَّانِهِمْ. (10)
وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي أَوَّلِ السِّيرَةِ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الَّذِي كَانَ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بِلَادِ الْيَمَنِ، بِسَبَبِ اسْتِشْعَارِهِ بِإِرْسَالِ العَرم فَقَالَ: وَكَانَ سَبَبُ خُرُوجِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنَ الْيَمَنِ -فِيمَا حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ-: أَنَّهُ رَأَى جُرَذًا يَحفر [11] فِي سَدِّ مَأْرِبَ، الَّذِي كَانَ يَحْبِسُ عَنْهُمُ الْمَاءَ فَيَصْرِفُونَهُ حَيْثُ شاؤوا مِنْ أَرْضِهِمْ. فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا بَقَاءَ لِلسَّدِّ عَلَى ذَلِكَ، فَاعْتَزَمَ عَلَى النَّقُلة عَنِ الْيَمَنِ فَكَادَ [12] قَوْمَهُ، فَأَمَرَ أَصْغَرَ أَوْلَادِهِ إِذَا أَغْلَظَ لَهُ وَلَطَمَهُ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهِ فَيَلْطِمُهُ، فَفَعَلَ ابْنُهُ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَقَالَ عَمْرٌو: لَا أُقِيمُ بِبَلَدٍ لَطَم وَجْهِي فِيهَا أَصْغَرُ وَلَدِي [13] . وعرض أمواله، فقال

[1] في س: "فأخبروا به الكهنة".
[2] في أ: "خبر".
[3] في س: "وكان".
[4] في أ: "أضلهم".
[5] في ت، س: "ابنى".
[6] في ت: "قالها".
[7] في ت: "فيحق".
[8] في ت: "فليحق".
[9] في س: "قومنا".
(10) في ت: "كهناتهم".
[11] في س: "تحفر".
[12] في ت، س: "وكاد".
[13] في ت: "أولادى".
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 510
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست